فهد بن جليد
سألت الرحالة الإسباني إسحاق أنور (32 سنة)، الذي قطع أكثر من 6600 كيلومتر مشيًا على الأقدام من باريس قاصدًا مكة المكرمة لأداء العمرة في رحلة (سفر السلام)، مرورًا بـ16 بلدًا، حتى وصل إلى الكويت، وانتظر عند الحدود السعودية - الكويتية؛ ليعود إلى فرنسا بالطائرة: "لماذا لم ترتب أمورك باكرًا للحصول على التأشيرة بدلاً من الانتظار عند الحدود السعودية - الكويتية؟" - وهي القضية التي حاول البعض استغلالها - فقال "إن الفكرة كانت تراودني منذ أربع سنوات، ولكن لحظة الصفر بدأت فعلاً بشكل عشوائي، وارتجالي نوعًا ما. وإنني لم أقم بالتنسيق مع السفارة السعودية، وهذا خطأ قانوني مني، كان يجب الانتباه له منذ البداية، والحمد لله أنني وصلت أخيرًا إلى الرياض بالطائرة، وأشكر السعوديين على كرمهم وحسن ضيافتهم. والوصول إلى هنا حلم كل مسلم، وسأكمل رحلتي العالمية (سفر السلام) بدءًا من نقطة التوقف عند الحدود السعودية - الكويتية متجهًا إلى مكة المكرمة، مرورًا بالمدينة المنورة سيرًا على الأقدام اقتداءً بالنبي محمد - صلى الله عليه وسلم - حتى أحقق هدفي بلفت الانتباه إلى سماحة الإسلام، وأنه دين السلام. ووصولي إلى هذا البلد الحرام أكسبني الكثير من الخبرات والصداقات، بل إن الكثير من وسائل الإعلام العربية والعالمية تتابع مروري بكل بلد، وتجري معي اللقاءات، وهذا ما أريده للفت الانتباه لحقيقة الإسلام والمسلمين".
إسحاق وصل إلى السعودية أمس الأول بفضل جهود صديقه سعود العريفي، ومجموعة الرحالة العرب الذين أقاموا له حفل استقبال في الرياض، وتكفلوا بكامل نفقات رحلته، بعد أن يخضع لتدريبات وتمارين تأهيلية، تستمر نحو أسبوع كامل؛ وهو ما يؤكد نبل أخلاق الرحالة السعوديين الذين قاموا بتسهيل كل ما يحتاج إليه إسحاق في رحلته داخل المملكة.
بداية رحلة السلام كانت صعبة جدًّا، عندما كان إسحاق يحمل أغراضه وأمتعته على ظهره، قبل أن يشتري عربة أطفال، ويدفعها أمامه؛ وهو ما جعل الكثير من الشعوب التي مر بها يشفقون عليه عند رؤيته يسير في الشارع بهذا الشكل، وبمجرد معرفتهم أنه (رحالة مسلم)، يقصد مكة المكرمة سيرًا على الأقدام، يبدون إعجابهم بنبل فكرته، التي تدعو للسلام، وأن دين الإسلام ينبذ التطرف والعنف والإرهاب.. ويتعاطفون معه؛ ليسهلوا له كل الطرق للعبور وإكمال هذه الرحلة.
إسحاق في بلد السلام والأمن والأمان.. وتقبل الله عمرته سلفًا، وشكرًا لكل من ساهموا في دعمه لإكماله رحلة السلام. وهذا تصرف رائع من شباب سعوديين، تعرفوا على قصة تعثر إسحاق في دخول المملكة عبر شبكات التواصل الاجتماعي؛ وتكاتفوا لمساعدته وقطع الطريق على كل من يريد أن يتاجر بقصة وقضية الشاب (النبيلة) بالإساءة لبلادنا؛ فبارك الله جهودكم.
وعلى دروب الخير نلتقي.