من الفتن والمحن التي تحمل في طياتها منحًا إلهية, ومظاهر إيجابية, وصورًا تدعو للتفاؤل والبشرى، ما شاهده الجميع من سقوط أولئك العابثين المجرمين المتسللين الغادرين، الذين باعوا ذممهم، واتبعوا أهواءهم، وأصبحوا أداة لدعاة الفتنة والإرهاب في أقبح صور الخيانة والغدر والتعاون على الإثم والعدوان، بل أعظم الجرم وأعظم الإفساد وفي أي بقعة؟ في بلاد الحرمين، وقبلة المسلمين، ورأى المسلمون جميعاً كيف يتم توجيه هولاء الأوباش توجيهًا لا إراديًّا ليصبحوا حزامًا ناسفًا لكل فضل وفضيلة، وسيلاً جارفًا للفطر السليمة ورياحًا عاتية وعاصفة للأخلاق الحميدة، وزلازل وبراكين مفجرة للأديان والأنظمة والأعراف والتقاليد، ونيران محرقة للأمن والأمان والطمأنينة، وسيلاً عارمًا جارفًا للسلم والسلام، تربوا على الكره والحقد على مجتمعاتهم، والجرأة والبطش، والمكر والخداع في كل شؤونهم دون وازع ديني أو رادع عقلي، مما يجعلهم عنصر هدم ومعول تدمير، وأداة فساد وإفساد، وسبب مباشر للإضرار بأنفسهم وأسرهم ومجتمعهم، بل وأبعد من ذلك كانوا حجر عثرة لكل خير وفضل، وعقبة كؤوداً في الجهود الجبارة التي يبذلها المسلمون وخصوصًا بلاد الحرمين الشريفين (المملكة العربية السعودية) في مشارق الأرض ومغاربها لإعلاء كلمة الله، أخرجهم طواغيت الإرهاب من النور إلى الظلمات، ورموا بهم في معتلجات القتل والتفجير والانتحار، موجهين شرورهم وفسادهم إلى أهليهم ومجتمعاتهم، فقبح الله أفعالهم وكبتهم وردهم صاغرين خاسرين، مجندلين تحت أقدام جنودنا الأبطال الذين حمى بهم الله بيضة الدين، ووقى بهم من شرور هؤلاء الأوباش المفسدين.
لقد رأى الجميع تلك الشجاعة وذلكم الإقدام من أبطالنا الذين اصطفاهم الله واختارهم لمواقع الشرف ومواطن الرجولة، لا يشعر الإنسان وهو بهذا المكان إلا بالأمان والافتخار بهم وبجهودهم وبطولاتهم، وتلك منة من الله سبحانة وتعالى نحمده جل وعلى عليها ونشكره (فلم تقتلوهم ولكن الله قتلهم وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى وليبلي المؤمنين منه بلاء حسنا) فكل ما نفعله سبب، ولكن النصر من عند الله عز وجل والقوة من عند الله عز وجل.
وعلينا جميعاً أن نعلم أن أعداءنا لن يألوا جهداً في بث الشائعات، وترويج الأكاذيب، ونشر الأراجيف ولا سيما من خلال ما تيسر من وسائل تقنية، وشبكات تواصل، ومجالس عامة أو خاصة، فمسؤوليتنا أن يكون كل منا رجل أمن، وأن يتجنب كل ما يسبب الفرقة، أو يستغله المتربصون، و الله غالب على أمره، ومتمم على هذه البلاد كل ما يحفظها من هذه الفتن، لأنها أصل الإسلام، ومأرز الإيمان، ومهبط الوحي، ومهاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولأن ولاتها هم من حمى توحيد الله، وأقام شريعة الله، وانتهج الوسط وتجنب الشطط ومن كان هذا شأنه فإنه منصور بنصر الله، مؤيد بتأييده، وإننا لنحتمي بحمى الله، ونستجير به من الفتن، ونلجأ إليه أن يحفظنا من مضلات الفتن، وأن يزيد ولاة أمرنا تسديداً وتوفيقاً، وأن يحفظ بلادنا من كل سوء ومكروه ويوفق ولاة أمرنا إلى كل خير إنه سميع مجيب. والحمد لله رب العالمين، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
- وكيل الجامعة لشؤون المعاهد العلمية