فهد بن جليد
بعض القنوات الفضائية تُذكرنا بالمدارس الأهلية عندما تعاني نقصاً حاداً في أعداد المدرسين، فتجد مذيع البرامج الحوارية يتحول فجأة -ودون سابق إنذار- إلى مذيع برامج مسابقات فنية، وكأن ما في هالبلد إلا هالولد، وهذا خطأ سيكون له أثره على المشاهدين، مثلما يؤثر مدرس الرياضيات على مستوى الطلاب عندما يشرح لهم (الأفعال الخمسة) في حال غياب معلم اللغة العربية؟!.
من غير المقبول أن يُعلق مذيع نشرة الأخبار على مباراة كرة قدم - وإن حدث هذا لدينا في زمن سابق - إلا أنّ التخصص بات عنواناً مهماً لهذه المرحلة من عمر الصحافة والإعلام، حتى بات أكثر الناجحين هم المتخصصون في مجال مُحدد، الذين يبتعدون قدر المُستطاع عن العموميات، التي أرّهقت إعلامنا طوال عقود ماضية، بل إن الأمر وصل إلى ذكاء بعض نجوم ومشاهير (السويشال ميديا) أو شبكات التواصل الاجتماعي، الذين برعوا في تخصصات معينة، حتى اشتهروا بها، بعكس (فقاعات إعلامية) ظهرت فجأة واختفت فجأة!.
بالمُناسبة حتى البرامج الحوارية التلفزيونية يتوقع أن تنتهي (صيغتها الحالية) عالمياً، لـ (تموت) كل النسخ العامة والمنوعة، لتبقى فقط تلك البرامج الحوارية المُتخصصة التي تتناول مواضيع محددة، لأن الناس لم تعد تثق في المذيع (مُتعدد المواهب)!.
حُمى الحديث المتنوع كل يوم في شأن مُختلف ضمن البرامج الحوارية التلفزيونية، أظهر لنا أنواعاً من المُذيعين الباحثين عن المصالح الشخصية والإثارة والشهرة، نتيجة ضعف الإعداد، والقبول بمواضيع -غير هامة- لملء الفراغ، حتى ظهر علينا المذيع الذي يلعب دور (شرطي المرور) أثناء الحوار، ليقتصر دوره السطحي على فكّ الاختناقات والخناقات بين الضيوف، دون أن يكون حديثه مُفيداً أو طرحه عميقاً، ونوع آخر هو المُذيع (مشعل الحرائق) الذي يبحث عن الإثارة فقط، بتعميق الخلاف بين المتحاورين، ونوع جديد يتقمّص دور (الإعلامي العاطفي) ليُتاجر بقضايانا من أجل مصلحته الشخصية وبروزه على طريقة (الجمهور عاوز كذا)، مما قد يُسبب تيهان المُتلقى وربما ضياع الحقيقة، إضافة للمُذيع (المليِّساتي) أو (المطبّطباتي) الذي يراضي هذا وذاك، وكأنّه على رأي إخواننا المصريين (يلِّم الليلة) وعاوز الدنيا تعدي على خير... إلخ من أنواع المُذيعين الذي تراهم وتشاهدهم، وقد امتلأت بهم (شاشاتنا الفضائية)؟!.
تخصص البرامج الحوارية على الفضائيات بات ضرورة، وضمانة لظهور (المُحاور المُتمكِّن) الذي يسبر أغوار القضايا المطروحة مما يُشبع نهم المُشاهد، ويعطي كل موضوع حقه..؟!.
وعلى دروب الخير نلتقي.