سعد بن عبدالقادر القويعي
طبيعة المنهج السلفي، وقوة المقاومة فيه، -إضافة- إلى أبعاد الهجوم الشرس عليه، وأسبابه، وذلك بعد الخلط المُتَعمَّد بين المنهج -الذي هو الإسلام-، وبين الممارسات الخاطئة في حقه من السياسيين، أو الشرعيين، كان حديثاً جريئاً -لسمو الأمير- محمد بن سلمان لمجلة «foreign affairs»، بعد أن كشف عن: «دهشته بالربط بين الوهابية، والإرهاب، ووجود سوء فهم عميق لدى الأمريكيين تجاه ذلك»، مشيراً إلى أن: «التشدد لا علاقة له بالوهابية».
تختلف دلالة مصطلح «وهابية» كغيره من المصطلحات، إلا أن ما يهمنا هو توظيف النقد السلبي للدعوة، وربطها غير المنطقي بين الوهابية، والإرهاب، واستهدافهم الشامل لكل مدارس المنهج السلفي، ورموزه، ومؤسساته، والتي لا تعدو أن تكون المُعبِّر عن المنهج الإسلامي الصحيح في الاستدلال للفهم الصحيح للنصوص، وتفسيرها، -ومثله- تشويه الأساس الذي قامت عليه الوحدة الوطنية، وتدليس حقيقة العقد الاجتماعي بين الحاكم، والمحكوم، -وبالتالي- فهو منهج يدعو لعدم وحدة الأمة الإسلامية، وعدم الانفتاح على الآخر.
القراءة الصحيحة لمصطلح المنهج السلفي، تكشف أكثر عن دوافع أعدائه، وأهدافهم، -فالشيخ- محمد بن عبدالوهاب -رحمه الله- لم يأت بفكر، ولا اختراع، ولا ابتداع، وإنما دعا إلى ما كان يدعو إليه النبي -صلى الله عليه وسلم-، وأصحابه، وأعاد للتوحيد صفاءه، وللعمل الصالح سنته، وقضى على كل أشكال الدجل الكهنوتي، وحارب كل أنواع البدع في العقائد، والعبادات، وربط الناس بخالقهم على منهج أهل السنة، والجماعة، وعلى نهج السلف الصالح في فهم العقيدة، وآيات الصفات، وفي العبادات، ويعبدون ربهم كما كان النبي -صلى الله عليه وسلم-، وأصحابه الكرام يعبدون ربهم، بلا زيادة، ولا نقصان، ونبذ التقليد، والبدع، ونشر السنن، وإظهارها، والقيام بالواجبات الدينية، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، وتحكيم الشرع، ونشر العلم، ومحاربة الجهل، وتحقيق الجماعة، ونبذ الفرقة.
محاولات إسقاط رموز المنهج السلفي التجديدية، والإصلاحية عبر التاريخ محور أساس في خطاب الخصوم، إذ من حيلهم أن صدوا الناس عن دعوة الشيخ، وأسموه، ومن معه بـ»الوهابيين»، ودعوته بـ «الوهابية»؛ تلبيساً، وتضليلاً للناس. ومرادهم من هذه التسمية إخراجه عن جماعة المسلمين، والإيحاء لمن يجهل حقيقة دعوته من عموم المسلمين بانفراده بمذهب خاص به جديد، وهو ما ردّ عليه -الملك- سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله- في مقاله المعنون: «فليحذر الباحثون من فخ مصطلح الوهابية»، والمنشور في صحيفة الحياة بتاريخ 28-4-2010م، وعدد «17190»، حيث قال: «إن دعوة -الشيخ- محمد بن عبدالوهاب ليست منهجاً جديداً، وليست فكراً جديداً، وأكرر هنا المناداة بأن من يستطيع أن يجد في كتابات الشيخ، ورسائله، أي خروج على الكتاب، والسنة، وأعمال السلف الصالح، فعليه أن يبرزه، ويواجهنا به. -لذا- أدعو الكُتّاب، والباحثين إلى عدم الانسياق وراء من ينادي بالوقوع في فخ مصطلح «الوهابية»، وأنه مجرد مصطلح، بينما يتناسى هؤلاء الهدف الحقيقي من وراء نشر هذا المصطلح؛ للإساءة إلى دعوة سلفية صحيحة، ونقية، ليس فيها مضامين تختلف عما جاء في القرآن الكريم، وما أمر به نبيه محمد -صلى الله عليه وسلم-، -بخاصة- أن هذا التشويه جاء من جهات متعددة، لا يروق لها ما تقوم به تلك الدعوة الصافية من جهة، وما أدت إليه من قيام دولة إسلامية تقوم على الدين أولاً، وتحفظ حقوق الناس، وتخدم الحرمين الشريفين، وهي الدولة السعودية التي مكنها الله في هذه البلاد؛ لتخدم المسلمين جميعاً، وتحافظ على هذا الدين؛ لأنها قامت على أساسه، ولا تزال».
إن دعوة -الشيخ- محمد بن عبدالوهاب -رحمه الله- منهج، وليست عقيدة، أو أيديولوجيا مستحدثة. وسيبقى منهجه متميزاً للدولة السعودية، باعتبار أن هويته العقدية هي قدره في صناعة وحدته الفكرية، وقوته السياسية، وصياغة منظومته الثقافية، والوطنية، وذلك من خلال تأصيل التسامح؛ سعيًا لوحدة الأمة الإسلامية على عقيدة أهل السنة، والجماعة، وهو ما عبّر عنه بروكهارت، بقوله: «لم تكن مبادئ محمد بن عبدالوهاب مبادئ ديانة، بل كانت جهودا لإصلاح المفاسد التي تفشت بين المسلمين، ونشر العقيدة الصافية».