د. عبدالرحمن الشلاش
رجل معمر يدخل القفص الذهبي بعد عزوفه عن الزواج 76 سنة حيث زف تحت وابل كثيف من زغاريد النساء إلى إحدى قاصرات قريته والتي لم تتجاوز الخامسة عشر من العمر. هذا هو الخبر الذي ورد في موقع اليوتيوب.
يظهر على البنت المسكينة من خلال المقطع الحيرة والارتباك وعدم الرضا على الوضع الذي يبدو أنه قد تم تحت ضغط الأهل لأسباب لا نعلمها, قد تكون اقتصادية إما لأن الرجل غني جدا أو أن أسرة الفتاة فقيرة جدا وقد تجد في مثل هذه الزيجة فرصة سانحة للخروج من وطأة الحاجة إلى غير رجعة, أو لأسباب اجتماعية لصلة القرابة وغير ذلك من أسباب أخرى لن تكون كافية بأي حال لتبرير مثل هذا الزواج غير المتكافئ.
لن يشفع للرجل أنه أعزب وعزف كل هذه السنين الطويلة عن الزواج فالفارق كبير جدا ويصل لأكثر من ستين سنة ناهيك أن الرجل في سن متقدمة جدا فأي طموح ينتظر هذه المسكينة والتي تحلم بمستقبل وأولاد يحتاجون لعناية ورعاية وتربية ومكابدة لن يقدر عليها وخاصة عندما يتقدم به السن أكثر , ثم هل لديه القدرات والإمكانات وهي المتطلبات الضرورية للزواج وبالذات منها الفكرية والتواصلية والبدنية والعاطفية؟ صحيح أن الأعمار بيد الله والناس يتفاوتون لكن عندما نأخذ الأمر في العموم نجد أن التقدم في السن يضعف كثيراً من قدرات الإنسان.
هناك من سيقول وما المشكلة حتى ولو كانت البنت قاصرة ؟ هؤلاء سيوردون لك أدلة وشواهد معظمها غير صحيح على أن مثل هذا الزواج كان شائعا في العصور المتقدمة , وسيستدلون بزواج الرسول صلى الله عليه وسلم من أم المؤمنين عائشة بنت أبي بكر رضي الله عنهما وأنه تزوجها وعمرها 11 سنة رغم أن هناك رواية تؤكد أن عمرها حين تزوجها 18 سنة.
بالنسبة للبنت في مثل هذا العمر الصغير هل هي مهيئة لبيت الزوجية, والدخول في عصمة رجل في مكانة جدها, هل هي جاهزة من الناحية الفكرية والعاطفية والبدنية, وهل لديها المهارات لتحمل المسؤوليات الصعبة؟ في هذا السن أعتقد أن الأمر صعب جدا فهي مازالت في مرحلة الطفولة المتأخرة, وبدايات المراهقة ولم تتشكل شخصيتها بعد وزواج مثل هذا قد يكون مصيره الفشل.
كتبنا عن زواج القاصرات وفي مقال سابق طالبت بسن قانون يمنع تزويج الفتيات قبل سن 18 سنة, ومازلنا بالانتظار لكبح جماح طمع بعض العائلات تحت وطأة الجهل أو الحاجة.