أبو عبدالرحمن ابن عقيل الظاهري
بسم الله الرحمن الرحيم
بِدايَةُ الإرهابِ بمعناهُ الرَّدِيْئ مِن اليهودِ مُنْذُ كُفْرِهم بما جاء به موسى عليه السلامُ، وتحريفِهم ما قَبْلَه مُنْذُ إبراهيمَ الخليلِ وإسماعيلَ وإسحاقَ ويعْقُوبَ ويوسفَ عليهم صلواتُ الله وسلامُه وبركاته:
(1-2)
قال أبو عبدالرحمن: بيَّنْتُ في أكْثَرَ مِن مناسبةٍ: أنَّ كَلِمَةَ (الإرْهابِ) في استعمالِ العصر الحديث جاءتْ بمعنى الظُّلْمِ والإفسادِ في الأرضِ؛ وليس هذا هو معناها في شرائِعِ الله كافَّة؛ بل الإرْهابُ في شرائعِ الله ذو معنى كريمٍ أَوْجَبَهُ اللهُ على عبادِه المؤمنين؛ وهو لا يعني ظُلْماً ولا فساداً؛ بل يعني إعدادَ الْـقُوَّةِ لدفْعِ الظُّلْمِ ؛ فَيَرْهَبُكَ عَدوُّك؛ فلا يعتدي عليك، ولا يَظْلِمُكَ في أرضٍ أوْ مالٍ أو ولدٍ أو مُنشآتٍ.. إلخ، كما قال اللهُ سبحانه وتعالى: {وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدوَّ اللّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِن دُونِهِمْ لاَ تَعْلَمُونَهُمُ اللّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنفِقُواْ مِن شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنتُمْ لاَ تُظْلَمُونَ} (60 سورة الأنفال).
قال أبو عبدالرحمن: وأما الظُّلْمُ والفسادُ في الأرضِ ؛ وهو المحرَّمُ في كلّ شرائعِ اللهِ فليس هو الاستعدادَ للدفاعِ عن النفسِ تِجاهَ مَنْ يُرِيْدُ بِكَ الظُّلْمَ والعدوانَ؛ وذلِكَ هو ما نشاهده ونعيشُه ونصْلَى حرَّه في هذا العصرِ من ظُلْمِ كلِّ قوى الشَّرِّ؛ وهو الظُّلْم الذي وَصَفْتُهُ في أكْثَرَ مِن مناسبةٍ بالظُّلْمِ العالَمِيِّ مِن كلِّ قُوَى الشرِّ من عَلْمانيين ووثنيين وباطنيين لا يَقْدِرون الله حَقَّ قَدْرِه ولا يرجون لله وقاراً؛ وعلى رأسِهم أعداءُ الله اليهودُ الذين قصَّ الله عنهم الإفسادَ في الأرض، والظلْمَ، وأكلَ أموالِ الناس بغير حقٍّ، وما أفْرَخَه كيدُهم مِن صهيونية عالميةٍ، ومِن صهيونية يهودية.. الأولى الدواعِشُ المغرَّرُ بهم مِن المسلمين وغيرِهم، ثُمَّ الباطِنِيَّةُ كافَّة، وفي كتابِ الله أنَّ اللهَ اختارَ اليهود على عِلْمٍ بالنِّعمِ لا مِن جهةِ سلامةِ القلوبِ، وَصِدْقِ الإيمان؛ وذلك لسببين:
أوَّلُهما: أنَّ فيهم مَنْ صَدَقَ إيمانه؛ ولهذا كانوا أَكْثَرَ سوادِ أهلِ الجنة بعد أُمَّةِ محمد -صلى الله عليه وسلم- .. وثانيهما: ما جُبِلُوا عليه تَطَبُّعاً لا جِبِلَّةً مِن عند الله مِن الْحِيَلِ غيرِ الْمَشْروعة في جمع المالِ، وأكْلِ مال الناسِ بالباطل، والْقُدْرَةِ على تشكيكِ عبادِ الله وتضليلِهِم على نحو ما يفعلُ إبليس لعنه الله ؛ إذن كلُّ هذا الظُّلْمِ يُعانِيه اليومَ العالَمُ الإسلاميُّ كافةً، والعالَـمُ العربي الإسلاميُّ: في مصرَ والعراقِ والشام بكلِّ أقاليمِهِ، وجزيرة العرب، واليمن، وليبيا، وتونس.. ويعانِيْهِ كلُّ العالَمِ العربي والإسلامي في أنحاءِ أفريقيا .. وهذا الظّلْمُ والإفسادُ لم يُصَدِّرْهُ العربُ والمسلمون؛ وإنَّما رُزِأَ به العربُ والمسلمون من الأمم التي تَدَّعِي محارَبَةَ الإرهابِ بالمعنى الخاطىءِ الذي يُرِيدونه؛ وهو الظُّلْمُ والإفسادُ، وفي طليعتهم أمريكا أَقْوَى الدولِ الْمُتَنَفذةِ على وجه الأرض؛ وهم أخلاطٌ مِن أُمَمِ الأرض رحلوا إلى بلاد الهنود الحمر؛ فاستلحموهم قتلاً واستباحةً واحتلالاً للأرض؛ وأوَّلُ بركاتِ الإرهابِ بمعناهُ الرَّدِيىءِ: كُلُّ ما سَوَّقُوه لأمتنا العربية والإسلاميةِ ؛ وهي أُمَّةٌ قَبْلَ التسويقِ على هدايةٍ من ربها، لإيمانها بربِّها، وبما جاء مِن عنده مِن خَبَرٍ يُؤْمنون بصدقهِ، أو أمْرٍ أو نَهْيٍ يُؤْمنونَ بِعَدْلِهما وحِكْمَتِهما.. هذا في الأعَمِّ الأغْلَب الذي هو عَلَنُ المسلمين؛ إذْ لَمْ يَضْمَحِلُّ الشَّرُّ في أي عصرٍ مِن العصورِ منذ آدم عليه السلام؛ ثم بَدَؤُا في تصديرَه للعالَمِ الآمِن؛ وأذْكُرُ ههنا أوَّل بادِرةٍ قبيحَةٍ؛ ألا وهي جماعَةُ (الْأُمَمُ الآريِّةُ) الَّتي أسَّسَها (ريتشارد بتلر) [1918 - 2004م].. وإلى لقاءٍ في السبتِ القادِم عن هذه الجماعة إنْ شاء الله تعالى, والله المُستعانُ.