خالد بن حمد المالك
الاستثمار في الإنسان في كل مفاصل الدولة، وفي جميع قطاعاتها، وأينما كانت هناك جهة في حاجة إليه، ضمن برامج وخطط تعتمد على قاعدة وضع الرجل المناسب في المكان المناسب، هي سياسة بلادنا الثابتة، ما جعل الدولة تعطي عنايتها باهتمام متفوّق لتدريب المواطن، وتعليمه قبل ذلك، ومن ثم استثمار إمكاناته وقدراته في خدمة بلادنا.
* *
لن أذهب بعيداً فأتحدث عن كل المواقع التي شغلها المواطنون السعوديون، والنجاحات التي حققوها، والعمل الجاد الذي تميزوا به، والكفاءة التي أبدوها، والرضا من الجميع الذي صاحب أعمالهم، ولكني سآخذ القطاع الأمني، وتحديداً في العملية الأمنية النوعية التي حدثت في الياسمين كعينة أبطالها رجال أمن رأينا فيهم المواجهة الجسورة وكيف قضى جبران العواجي على اثنين من أخطر المطلوبين أمنياً.
* *
من الذي يقف وراء هؤلاء الأبطال، يعزِّز مواقفهم، ويزرع فيهم هذه الشجاعة، ويفتح الطريق لهم ليقدِّموا أنفسهم لمجتمعهم أبطالاً يخلد التاريخ إنجازاتهم، إنه بطل الأبطال محمد ابن نايف بن عبدالعزيز، مدعوماً من ملك الحزم والعزم سلمان بن عبدالعزيز، حتى أن رجال أمننا أصبحوا حديث الإعجاب والذكر الحسن في وسائل الإعلام العالمية، بفعل الصور الحيَّة التي سجّلت مواجهة حي الياسمين وأحداثها، ونقلت للعالم مشهداً مثيراً بكل تفاصيل تلك المواجهة.
* *
وغني عن القول إن رجل الأمن الأمير نايف ابن عبدالعزيز - رحمه الله - الذي أقسم ذات يوم بأنه لا يعرف أن واحداً من رجال أمننا استشهد أو أصيب من الخلف، فكل من استشهد أو أصيب منهم كان من الأمام، لأنه لا يقبل إلا المواجهة، ولا يسمح لنفسه بالهروب من ميدان المعركة، مهما كانت شراستها، أو قوة عناصر المواجهة، فقد تشرَّب رجال الأمن الشجاعة، وذاقوا طعمها اللذيذ، بما ثبَّت أقدامهم في مواقعهم المناسبة لهزيمة الخصم العنيد.
* *
محمد بن نايف، يفضّل دائماً أن يكون الحديث عن رجاله لا عن نفسه، فيمنحهم بذلك هذا الشرف، ويغدق عليهم هذا الانطباع الجميل، ويتخلَّى لهم عمَّا يمكن أن يُقال عنه، مثلما كان يفعل والده نايف بن عبدالعزيز وعمه أحمد بن عبدالعزيز، وتأسياً والتزاماً بالتوجيهات السديدة من الملوك الذين شرف بالعمل تحت قيادتهم وآخرهم الملك سلمان بن عبدالعزيز الذي رأيناه يقود الأمة بالعزم الذي عرفناه عنه، والحزم الذي يكرِّس به أمن هذه البلاد، ويمنع به أطماع الأعداء والمخرِّبين من أن تتحقق.
* *
إن سلسلة المواقف البطولية لرجال أمننا سوف تتواصل، طالما بقي الإرهاب، واشتدت المؤامرات، ولم تتوقف التدخلات في شؤوننا الداخلية، وحسبنا أننا ندافع عن سيادتنا، وحقنا في حماية بلادنا، وأننا نقف الموقف الصحيح في التعامل مع ما يخططه الأعداء لإيذائنا، ولا عذر لنا لو تقاعسنا، أو تعاملنا مع ما يحدث بمبدأ السلامة أو عدم المبالاة، فالمواقف الرخوة ليست من صفاتنا، والضعف في الدفاع عن النفس من صفات عدونا وليس فينا، وهكذا يتوالد الأبطال في مجتمعنا، يزدادون، ويتكاثرون، وسيظلون محط اهتمام قيادتهم، وفخر مواطنيهم.