أحمد بن عبدالرحمن الجبير
تسهم التجارة غير النفطية، والتجارة الالكترونية، إسهاما كبيرا في اقتصادات الدول الثرية، وهذا يتزامن مع رؤية السعودية2030م في تنمية الدخل غير النفطي، والمصادر البديلة، ولان الاقتصاد السعودي يمتلك من القوة ما يجعله رائدا في هذا المجال، فتطوير الموانئ والمطارات التجارية الضخمة في الشمال، والجنوب والشرق، والغرب من شأنه ان يضع المملكة في اطار مجال حيوي وجيو- اقتصادي هام مع دول الخليج والدول العربية المحيطة.
وايضا مع الهند والدول الاسيوية، والدول الافريقية، فهذه المجالات يمكن التعاون، والتعامل معها بما يخدم الاقتصاد السعودي، حيث تحتاج هذه الاقتصادات لقوتها الاقتصادية، ولمكانتها الروحية، ولتوسطها الجغرافي، فالتجارة غير النفطية عديدة سواء كانت سياحة دينية، او تجارة الكترونية، أو نقل بضائع استراتيجية، ويمكن ان تصبح المملكة ممرا استراتيجيا للنقل، خاصة اذا ما ربطت المملكة شريانها الاقتصادي مع مختلف القارات، وانشأت لذلك البنى التحتية الرئيسة والقائدة للاقتصادات الاقليمية.
لكن نمو التجارة غير النفطية في السعودية بطيء وضعيف جدا مقارنة بدول الجوار والدول المتقدمة، ومساهمتها في الناتج المحلي منخفضة، والسبب في ذلك يعود إلى أن الاقتصاد السعودي لم يشهد تغيرات هيكلية كافية، تعمل على تغيرات في القاعدة الإنتاجية للاقتصاد الوطني، وتؤدي إلى تنويع مصادر الدخل، وتعزيز فرص التبادل التجاري، والتي تنعكس على مستوي معيشة المواطن واقتصاد الوطن.
وهذا يحتاج للعمل على مراحل متوازنة، بحيث يتوازن الاستثمار مع العوائد، وبما يلبي الحاجات الاقتصادية للمملكة، لذا يجب التركيز على الحواضن الاستراتيجية، كبناء السفن، ومركز اقليمي لصيانة الطائرات، وادارة المطارات، والموانئ، وسكك الحديد، وتوليد الطاقة، ووادي السالكون الخليجي على اعتبار ان اقتصادات الخليج واحدة، ويمكن أن يكون عبر استثمارات مشتركة ودفع القطاع الخاص لان يكون شريكا استراتيجيا في هذه المجالات، التي تعزز قوة الاقتصاد وتولد المزيد من الوظائف.
لذا يجب دعم القطاع الخاص للإسهام في تنويع مصادر الدخل، ورفع كفاءة الاقتصاد السعودي وتعزيز المنتجات المحلية مثل التجارة والزراعة والصناعة، والخدمات والسياحة وخاصة السياحة الدينية، والتفاعل مع المستجدات الاقتصادية، وتطوير القاعدة الإنتاجية مثل المشاريع الصفيرة والمتوسطة، وتحفيز نمو الاقتصاد السعودي، حيث لا تزال الصادرات غير النفطية تشكل نسبة ضئيلة من إجمالي صادرات المملكة.
ويفترض تعزيز مبادئ الإفصاح والشفافية، ومكافحة الفساد، وتحسين بيئة الأعمال، وتطوير المواطن بالبرامج الفنية والتقنية، ودعم الشباب والشابات نحو التحول الصناعي، وتبني ابتكاراتهم وابداعاتهم، وعرض تجاربهم لاكتشاف القطاع التجاري والصناعي، والدخول في الصناعات الصغيرة، والمتوسطة للمساهمة في التحول الوطني، والعمل على حل المشاكل والتحديات التي تواجه التجارة والصناعة، والسياحة السعودية، وايضا تطوير القضاء السعودي للتعامل مع قضايا التجارة الدولية، بعقليات عالمية واستثمارية.
وعلى الدولة ان تدعم المشاريع الإنتاجية بالقروض الميسرة، وتسهيل الحصول على الأرضي صناعية في ظل تواجد 34 مدينة صناعية بالمملكة، ودعم الاستثمار الصناعي، من اجل نمو الصادرات غير النفطية، وايضا العمل إلى تخفيض معدلات التضخم، والمحافظة على استقرار الأسعار حتى يتم تخفيض تكاليف إنتاج السلع المنتجة محليًا، الأمر الذي يؤدي إلى تخفيض أسعارها، ويزيد من قدرتها التنافسية في الخارج.
والسعي إلى تخفيض العوائق التجارية الجمركية المؤثرة في أسعار السلع، والمنتجات السعودية في الأسواق الخارجية، والتوعية بالمنتجات المحلية في الأسواق المحلية والدولية، ودعم التبادل التجاري الخليجي والعربي والإسلامي، وجعل التجارة، والصناعة هم المصدر الثاني للدخل الوطني، مع التركيز على الشراكات الناجحة بين القطاعين العام والخاص، وجذب الاستثمارات الاجنبية، ودعم وتوجيه الشباب نحو الصناعة، وتحفيزهم لتنبي مشاريع ابتكارية وريادية.
والعمل على رفع نسبة مشاركة المرأة في هذا القطاع ضمن الضوابط الشرعية، والبيئة المناسبة لها، فالصناعة سوف تقودنا الى التنمية والمضي قدماً في مصاف الدول الصناعية المتقدمة فالاتفاقيات، والشراكات التي تعقدها المملكة مع الدول تفتح أسواقاً جديدة للمنتج السعودي، وتعبر به إلى قارات العالم، لأن الصناعة تتصدر الخيارات الوطنية في التحول الوطني، حيث أن التحول يأتي عبر الثقافة والعلم والمعرفة، لذا يقترض الاستثمار في المواطن السعودي، وجعله أساس التنمية.
فالتسهيلات التي تقدمها الدولة كثيرة بهدف دعم القطاع التجاري والصناعي، وحماية مصالح المستفيدين، وتأكيد أهميتها في تنويع مصادر الدخل الوطني، وتعزيز تواجد المنتجات الوطنية في السوق العالمية لتعزيز دور القطاع الصناعي في الاقت صاد الوطني، ومساهمة الصناعة في الاستراتيجية الوطنية للتحول الوطني، وتحفيز شباب وشابات الوطن لاكتشاف هذا القطاع والدخول فيه والبدء في صناعاتهم الصغيرة، والمتوسطة.
وعليه، يستوجب وضع السياسات والخطط والبرامج التقنية، والفنية للمواطن السعودي من اجل دعم الصناعة، والتجارة الوطنية المناسبة، والتي يجب أن يكون من أهم أهدافها تشجيع الصادرات غير النفطية في المملكة، وخاصة الصادرات الصناعية، وتشجيع البحوث والدراسات التي تسعى إلى تعزيز ونمو التجارة غير النفطية، وحل العوائق التي تحد من نمو هذه التجارة، للمساهمة في التحول الوطني، وتنويع مصادر الدخل في ظل الرؤية السعودية 2030م.