هو نجم من نجوم الخليج ومن يستمع إليه لا يشعر إلا وهو مسافر مع أنغامه في بحر الطرب الأصيل، إنه عوض دوخي أو عوض البحار وهو شمعة من شموع الفن في الكويت، بل في الخليج العربي مازالت مضيئة حتى بعد رحيله في 17-12-1979م.
اسمه بالكامل عوض بن فرحان بن محمد بن دوخي ولد عام 1932م، وحين بلوغه أربعة عشر عاماً انتقل مع والدته إلى فريق الشويخ، وهناك تعرف على شخص يدعى سلطان أحمد الذي كان يجيد العزف على آلة العود، ولم يكن أي منهما يملك آلة عود، وقد اتفقا أن يجمعا مبلغًا من المال لشراء عود، وساعدهما على ذلك عبداللطيف الدوخي الشقيق الأكبر لعوض دوخي. وكانت أول أغانيه (يا حبيبي من كثر جفاك) للموسيقار الراحل محمد عبدالوهاب، وكان ذلك بعد أن ترك العمل بحاراً والتحق بعمل في بلدية الكويت، ثم بعد ذلك انتقل إلى وزارة الإعلام، وبقى بها.
وفي أولى خطواته في عالم الفن أراد أن يسجل أولى أغانيه، لكنه تعرّض لموقف غريب، حيث كان هناك شخص يقوم بتسجيل أعمال المطربين في ذلك الوقت على اسطوانات في فترة أربعينيات القرن الماضي، لكنه رفض تسجيل أغاني عوض دوخي ولم يقتنع به كمطرب، وأنه كصوت لا يمكن أن يكون مطرباً وغير صالح للغناء، فزاد ذلك عوض دوخي إصراراً على الغناء.
وقد عرف عنه عناده الشديد على أن يكون له مكان بين كبار المطربين في ذلك الوقت، أما بداية الانتشار فكانت عن طريق الإذاعة وقد قدمته إلى الساحة الفنية عودة المهنا في بداية الخمسينيات من القرن الماضي.
وقد غنى أول أغانيه في الإذاعة هي (يا من هواه أعزه وأذلني) وهي من كلمات سعيد بن أحمد البوسعيدي ومن ألحان شقيقه الدكتور يوسف دوخي، وخلال مسيرته قدم أغلب ألوان الغناء كالصوت البحري الذي يعد عوض دوخي آخر من قدمه في الكويت، إضافة إلى لون السامري وكذلك «الطنبورة» و «الخماري»، وقد تأثر بالفنانة عودة المهنا وكان دائم الاستماع إلى أغانيها، كذلك تأثر بكوكب الشرق أم كلثوم ومحمد عبدالوهاب، وقد قدم الكثير من أغاني السيدة أم كلثوم ومنها: «أغداً ألقاك» و»الأمل» و»أنت عمري» و»عودت عيني».
وعوض دوخي أول من أدخل الكورال النسائي لفن الصوت، وقد شكل مع أخيه يوسف دوخي ثنائياً ناجحاً، وكان ليوسف دوخي بصمة في الكثير من أعمال عوض دوخي تلحيناً وكتابة لنصوص ناجحة تغنى بها عوض سواء العاطفية أو الوطنية، ومنها «ما بين أهل الهوى»، و»رد قلبي»، و»مستحيل أنساك»، والأغنية الشهيرة «صوت السهارى» التي انتشرت في جميع أنحاء الخليج العربي، بل إلى الوطن العربي في زمن لم تكن وسائل الانتشار تساعد على ذلك، لكن العمل المميز يستطيع أن يفرض نفسه بكل الأحوال، وقد تغنى بهذه الأغنية الكثير من الفنانين العرب ومنهم الفنانة الراحلة فايزة أحمد.
وقد قدم عوض دوخي الكثير من الألحان الرائعة لكثير من الفنانين العرب ومنهم الفنان الراحل وديع الصافي، وقد بلغت أعمال الفنان عوض دوخي مائة وثلاثة وتسعين عملاً ما بين الصوت والسامري والأغنية العاطفية والوطنية والخفيفة.
ويتميز عوض دوخي بنبرة صوت وبحة حزينة وإحساس صادق وعمق في التعبير ومساحة صوت مكنته من أداء الألحان البحرية التي لم يستطع من جاء بعده أن يغنيها، وقد أثرى عوض دوخي الفن الكويتي والخليجي بأعذب الألحان والأصوات وأغنية «صوت السهارى» تكفيه كعلامة فنية فارقة توقف عندها الزمن والمستمع منذ ظهورها وحتى اليوم.
ومن أقواله عن الأغنية الخليجية: إن المتابع للحركة الفنية يجد أن تراثنا الشعبي الأصيل أدى دوراً وهو منهل غني قام المختصون بجمعه من خلال دراسات وتجارب فنية، وقال أيضاً: أتمنى أن تصل الأغنية الكويتية والخليجية الأصيلة إلى كل الأقطار لتعبر عن أصالتنا وتاريخنا.
لقد ترك الفنان الراحل عوض دوخي رصيداً كبيراً من الأعمال الإبداعية أثرت المكتبة الموسيقية الكويتية والخليجية بالألحان والأغاني التي لا تزال حتى يومنا هذا علامة فارقة في تاريخ الغناء.
- معجب حمود الزهراني