خالد الربيعان
حسناً.. هذه غرفة الرئيس بابها مغلق.. افتحها وادخل لتكون الرئيس، ولكن في علمك لا رجوع.. أنت الرئيس بمجرد دخولك فَتَعَامَل.. دخلت أنت وكان أول ما توقّعت رؤيته وهو مكتب الرئاسة: ليس موجوداً على مرمى بصرك.. يحول بينك وبينه ملفات كبيرة تكاد من فرط ضخامتها تصل للسقف..!
هذا الشعور هو ما فكرت فيه عندما وضعت نفسي مكان رئيس الاتحاد السعودي الجديد، ملفات ضخمة و»أزلية» لم تُحَل إلى الآن، ليس هذا فقط، بل هناك ملفات أخرى كبيرة قادمة في الطريق!
أكثر من جيد أن جاء رئيس - أخيراً - لاتحاد الكرة يعرف ما هو التسويق والاستثمار الرياضي، وله خبرة جيدة في ذلك، التسويق والاستثمار الرياضي هو كما قلنا مراراً: العمود الفقري للرياضة.. أي رياضة!
فالاتحاد الإنجليزي لم يصل لـ 7 مليارات يورو حقوق بث مباريات الدوري في 3 سنوات إلا بالتسويق الرياضي، وإلا عندما وضعوا في التسعينات «دستور رابطة الدوري الإنجليزي» الذي جعلنا نشاهد مباريات بنسبة إشغال 98 % من المدرج.. وبلا حواجز بين الجماهير واللاعب، بل إن المسافة بين اللاعب والمشجع لا تزيد عن 3 أمتار ولا يستطيع أحد المشجعين القفز والشغب لأنه يعرف أن القانون الذي وضعه الاتحاد سيعاقبه ويعاقب ناديه!
والألماني لم يصل لما رأيناه من تطور مبهر على مدى 10 سنوات إلا من خلال اتحاد اتخذ من رعاية المواهب والاستثمار فيها خطة وضعوها قبل 16 سنة! وطبّقوها على أرض الواقع وليست كلاماً وكفى، حتى رأينا 366 مركز تدريب بطول الدولة يخدمها 1300 مدرب تابع للاتحاد الألماني الذي وصل ليكون أكبر اتحاد رياضي في العالم بعدد 7 ملايين عضو لأنه يحتسب أي موهبة عضواً فاعلاً في الاتحاد!
ملفات عادل عزت - الذي نتمنى له التوفيق من القلب في التعامل معها - ليست كثيرة ولكنها ضخمة! ملفات أزلية.. كملف التحكيم وكوادره، والثقة العائمة بينه وبين بعض الأندية، ملف رعاية المنتخب السعودي، ملف التسويق والاستثمار بالأندية، ملف الديون، ملف خصخصة الأندية وهو أهم ملفات في المرحلة القادمة .
لا يوجد شخص بمفرده يتولى كل هذا.. ومن « أولها « أقول له لو أبديت الاهتمام الشديد بكل شاردة وواردة ونزلت بنفسك للاحتكاك مع كل ملف من هذه الملفات وعناصره، لن يكون النجاح حليفك..لأنه حتى وإن كنت «قَدَّهَا» فإن الوقت لن يسعفك، والمتربصين لن يرحموك .
الحل هو الكوادر.. أن يقود أكثر مما يعمل.. سر النجاح في التعامل مع هذه الملفات هو القيادة الجيدة للكوادر الجيدة، ولو كنت مكانه لأنشأت فوراً إدارة تسويق واستثمار رياضي تابعة للاتحاد السعودي بعدد من الأفراد «العباقرة» في هذا المجال وليس المتميزين! إدارة تعمل كخلية النحل، بأفكار أول مرة تُطْرَح على الساحة بخطط عمل، محاورها كيف نسوق الكرة السعودية داخلياً وخارجياً، وكيف نُسوَق للحكم السعودي ونجعله متميزاً وجاذباً للثقة، كيف نسوق الأندية وكيف أجعل كل ناد يقلص الديون وأيضاً كيف نقوم بإنشاء أكاديمية للناشئين بالأسلوب الأوربي كما تفعل إنجلترا وألمانيا وفرنسا وأخيراً كما الصين التي ستنشئ 50 ألف أكاديمية ينتهون من 20 ألف منها خلال هذا العام!
التسويق والاستثمار الرياضي يمكن بما يجلبه من مداخيل أن يجعل فترة هذا الاتحاد الجديد والأندية السعودية في عهده من أنجح الفترات على مر تاريخ الكرة السعودية، فقط يتبقى لمن يقود السفينة اختيار وقيادة من يحركونها معه ويغيّرون دَفَّتها، ويُسَرِّعُون حركتها.. لتكتشف أراض جديدة.. تمتلئ بالكنوز !