علي الصحن
الخطاب الإعلامي الرياضي وبالذات المرئي منه محزن ممل لا فائدة منه، ولا أحد أصبح يرجو برئه، وبالعامية (يفشل) ولا أحد يمكن أن يلام أكثر من القائمين على البرامج الرياضية والقنوات التي تبثها، والذين يبحثون عن الربح ونسب المشاهدة وردة الفعل دون النظر إلى الفعل نفسه وكيف يأتي ويكون!!
منذ مرحلة مبكرة من بدايات الإعلام الرياضي المرئي وتزايد قنواته وبرامجه، والناصحون الفاهمون المدركون لعواقب الأمور يحذرون من ما يمكن أن تصل إليه البرامج الرياضية، واليوم وقد توسعت البرامج وزاد عددها، وانتشرت قنواتها أصبح من الصعب السيطرة عليها، ولملمة أطرافها ووضعها داخل إطار مشرف يجعلها تستحق المشاهدة وتمضية بعض الوقت أمام الشاشة، واليوم تتسابق بعض البرامج ومعظم ضيوفها على تقديم الرياضة وأهلها في أسوأ صورة، وتقديم طريقة مبتذلة بالغة السوء في النقاش وتبادل الرأي والهجوم على الآخر والكذب والإفك، يحدث ذلك كله في وقت يمط فيه المذيع شفتيه دون قادر على إحداث تغيير فاعل يعيد الأمور إلى صوابها داخل الاستديو، لذا أصبح من الطبيعي أن تسمع عبارات وشتائم أترفع عن ذكرها في هذا المقام.
من هم القائمون على هذه البرامج؟ ومن هم ضيوفها؟ وما هي المؤهلات التي تجعلهم يتصدرون المشهد؟ وهل يملكون الخبرات التي تجعلهم قادرين على تقديم ما يفيد المتلقي؟ للأسف الشديد: معظم القائمين على البرامج المرئية فضلاً عن ضيوفها ونقادها الحصريين لا علاقة لهم بالإعلام، ولم يمارسوه بالشكل الذي يجعل من المقبول نعتهم بكلمة إعلامي، وليس لهم فيه باع ولا إصبع، لكنها علاقات ومجرد بضع كتابات في منتديات الأندية، وتغاريد في تويتر قدمتهم كإعلاميين، لذا تجدهم لا يملكون الحصافة والقدرة على تمييز ما يقال وما لا يقال، ولا يدركون الخطوط الحمراء، ولا يعرفون كيف يتم تقييم الأمور، ولا يفطنون إلى ما الماء وما الغثاء، ولا يعرفون المسافة بين الثرى والثريا.
بعد الانتخابات الأخيرة للاتحاد السعودي لكرة القدم، شاهدنا وسمعنا أراء متشنجة ثارت فيها رائحة التعصب والإقصاء وتغييب الرأي الآخر، والدخول في الذمم والكذب على رؤوس الأشهاد، لمجرد أن مرشحاً فاز وآخر خسر، مع أن ذاك شأن كل الانتخابات، لكن الناس (المحترمة) تبارك للفائز وتواسي الخاسر دون الوقوع في ساقط القول والفعل بلا دليل ولا حجة، غير أن ما حدث للأسف يؤكد أن دون بعض المحسوبين على الإعلام خرط القتاد حتى يكونوا صادقين مع أنفسهم قبل أن يكونوا صادقين مع الغير.
عشية الانتخابات كنت أتحدث مع إعلامي خبير، وسألته عن غيابه عن البرامج المشاهدة وهو الذي كان يظهر فيها على قلة منه أصلاً، فقال ظهرت في برنامج قبل فترة بسيطة وتناقشنا واختلفنا وفرغنا... ولكن وطوال الـ(24) ساعة التالية كان أشقائي وأبنائي وزملاء العمل يلومونني و(ينقدون) علي الظهور في مثل البرنامج الذي ظهرت فيه ومع الضيوف الذي كنت أتحدث معهم!!!
الإعلام المرئي بحاجة ماسة وسريعة للتدخل وإنقاذ ما يمكن إنقاذه، فإن كانت القنوات التي تتسابق على تقديم وجبة إساءات يومية غير قادرة على علاج علتها، فلا أقل من تدخل رسمي يعيدها إلى جادة الصواب.
تويتر كشفهم و(كفشهم) يفترض أن تعود الجهات المختصة إلى حساب تويتر لأي شخص تريد أن تضعه في منصب رياضي، وستجد في الحساب ما يغني عن السؤال عنه والعودة إلى الـCV الخاص به، فعدة أشخاص ذوي مناصب مهمة أو يتولون التحليل التحكيمي أو ممن يتصدرون المشهد التلفزيوني، قدمهم حساب التواصل الاجتماعي الحقيقية بصورتهم الحقيقية بدون رتوش وبدون تعديل وبدون أن يبحث الآخرون وراءه، وعدة أشخاص قدمهم تويتر بشكل محزن مسيء للأسف كون حساباتهم تنضح تعصباً وتمتلئ بعبارات لا يمكن أن تصدر من مراهق لم يبلغ الحلم بعد.
في تويتر كما في اللسان الكلمة طلقة إن خرجت لن تعود وأثرها يصعب علاجه، ولن تجدي محاولات المسح والرقع وحذف الحساب فالناس تصور وتحتفظ بكل شيء، وهناك ناشطون في مواقع التواصل الاجتماعي يجيدون اقتناص ما يبحث عنه الناس...
هنا لن نطلب أن يكون كل الرياضيين محايدين مثاليين فذاك أمر يصعب تحقيقه وربما يتنافي مع الإثارة المطلوبة في الرياضة.... نقول أحبوا أنديتكم وتغنوا فيها كما تحبون وتعصبوا لها حتى ترضون غروركم، لكن دون الإساءة لأحد ودون الدخول في مستنقعات يصعب الخروج منها أو تبريرها فيما بعد.