ماجدة السويِّح
تنوعت القراءات الفنية والنقدية الغربية للعمل الفني «هواجيس» الذي يناقش التحديات التي تواجه المرأة السعودية كقضية إسقاط الولاية، التي سُبق بحملة إعلامية واجتماعية على شبكات التواصل الاجتماعية والإعلام التقليدي.
حققت «هواجيس» انتشارا واسعا على الصعيد المحلي والعالمي، لأنها سلطت الضوء على حقوق المرأة السعودية، وقدمتها بطريقة ساخرة من الواقع المفروض عليها من قبل المجتمع الذكوري.
المرأة السعودية وحقوقها المهضومة كانت وما زالت قضية تُسيل لعاب أعتى الوسائل الإعلامية العالمية لتناولها بين الفينة والأخرى، خصوصا مع أداء فريق من الفتيات «المبرقعات» والملتفات بالسواد لتلك الأغنية بالرقص، ولعب كرة السلة، والتزلج.
لقراءة هذا العمل الذي حصد أكثر من 3 ملايين وستمائة ألف مشاهدة من وجهة نظر إعلامية، يتوجب علينا معرفة خلفية كل منصة إعلامية، ومدى تأثير تلك الخلفية الثقافية على الطرح والتناول والتفسير، فصحيفة كالواشنطن بوست ترى أن العمل ما هو إلا رسالة سياسية حتى وإن أنكر القائمون على إنتاجه ذلك، في حين ترى وسائل إعلامية سويسرية وألمانية أن البرقع أو النقاب عبارة عن القمع الذي تواجهه المرأة السعودية في فرض أشياء بغير اختيارها أو رغبتها، فالسلطة الذكورية هي الفيصل في حياة المرأة السعودية دون اهتمام بما تعانيه أو ما ترغب في تغييره.
صحيفة النيويورك تايمز ترى أن الألوان المشرقة والمبهجة اللاتي توشحن بها االفتيات في العمل الفني لم تخلو من سواد رمزي للمخاوف والإحباط من السلطة الذكورية التي تعيق من تقدم النساء لنيل حقوقهن كمواطن كامل الأهلية.
«هواجيس» قدم للنيويورك تايمز الإجابة التي امتنعت عن تقديمها بعض السعوديات للصحيفة قبل أكثر من شهر لاستطلاع حياة المرأة السعودية، واكتفت حينها 6000 آلاف امرأة بعرض حياتهن في قالب نمطي لم يبرح عن التشكي والولولة، بسبب امتناع البعض من الانفتاح بتجاربهن الإيجابية أو التحديات التي تواجه طريق النجاح، إما تضامنا مع الحملة المضادة من البعض على تويتر بوسم «لا تقولون لنيويورك تايمز»، أو خوفا من المشاركة الإعلامية العالمية.
في عمل ماجد العيسى وجدت الصحيفة ترسيخا للمشاركات التي وصلتها من النساء السعوديات في تقديم صورة نمطية سلبية للواقع، فتفسير العمل الفني المحلي في الإعلام الغربي ما هو إلا اجترار للصورة النمطية السلبية التي تؤطر المرأة السعودية والرجل السعودي في قالب تقليدي مشوه للواقع الذي نعيشه، يعينهم في الوقت الحاضر الجهل الفني من مقدم العمل في ترسيخ صور نمطية قد تجاوزناها من زمن.
التغذية الراجعة ما هي إلا اجترار للصورة النمطية التي صدرها الإعلام الغربي لعقود، وتفنن الإعلام المحلي في الدوران في فلكها دون انعتاق، أو محاولة تجديد لتقديم الصورة اللائقة بنا كنساء سعوديات مكافحات، مجتهدات، وطموحات، في مواصلة تعليمهن أو نيل حقوقهن رغم التحديات، وتجاهل صورة الرجل السعودي الحديثة الداعمة لعملية التقدم ونيل الحقوق.
وحتى ننعتق من التصوير النمطي لمجتمعنا ونقدم عملا فنيا مميزا، أنصح القائمين على تقديم الأعمال الفنية بإعادة بناء صورة ذهنية تتناسب مع التغيرات والتقدم الذي نشهده، والانعتاق من متلازمة «حمود ومحيميد» الأزلية، التي ما برحت تدور في فلك تقديم صورة سلبية للسعودي القروي، الساذج، والمفجوع بكل ما جديد دون تغيير لمدة عقود.