هاني سالم مسهور
قبل أيام قليلة على انتقال السلطة في الولايات المتحدة انطلقت عملية «الرمح الذهبي» العسكرية التي نجحت في استعادة باب المندب والسيطرة على معسكر العمري في الساعات الأولى من بدء العمليات. عنصر المفاجأة الذي استخدمه التحالف العربي يبدو تكتيكيًّا أكثر أهمية؛ فلقد استعانت القوة الإماراتية بالمقاومة الجنوبية للتوغل في المسار الساحلي، والتوجه نحو ميناء المخا. إسناد الطيران السعودي مهد للقوة المدرعة تحقيق السيطرة السريعة والمباغتة كذلك؛ ما يؤشر مجددًا إلى قدرة التحالف العربي على إدارة ميدان المعركة بما يحقق نتائج سريعة عبر التعامل مع المقاومة التي أثبتت التزامها منذ بداية «عاصفة الحزم».
العملية العسكرية من الواضح أنها تهدف لتأمين مسافة (90 كيلومترًا) بين ذوباب والمخا، كمرحلة رئيسية تؤمن باب المندب بشكل كامل، وتضمن عدم قدرة الانقلابيين على مهاجمته مرة أخرى، والاحتفاظ بالسيطرة على المضيق كجزء لا يتجزأ من الأمن القومي العربي. وتبقى مرحلة أخرى يمكن استشرافها منذ الآن، هي تحرير ميناء الحديدة على الأقل مع تحرك القوات الشرعية من ميدي نزولاً حتى الحديدة. هذا الخيار يبدو متاحًا خاصة أن التحالف العربي قام بقصف مواقع الانقلابيين في المخا من البوارج البحرية مع استمرار تقدم المقاومة الجنوبية من ذباب بإسناد متواصل من طيران التحالف العربي والقوة الميدانية الإماراتية.
كل هذه القراءة الميدانية لعملية «الرمح الذهبي» لا يمكن أن نفصلها عن تقدم المقاومة الجنوبية المسنودة من التحالف العربي في شمال اليمن، وتحديدًا في صعدة معقل الحركة الحوثية؛ فالمسافة التي تفصل المقاومة عن مركز المحافظة باتت أقل من (30 كيلومترًا). كل هذا الضغط العسكري يأتي في توقيت انتقال السلطة في الولايات المتحدة. والأهم من ذلك مع بداية تحرك المبعوث الدولي إلى اليمن إسماعيل ولد الشيخ أحمد.
«خارطة الرباعية» ما زالت هي الورقة التفاوضية الممكنة أمام أطراف النزاع اليمنية، واستبعاد مجلس الأمن الدولي مناقشة الملف اليمني في يناير 2017م يهدف لإتاحة الفرصة السياسية لعواصم عربية ودولية عدة لتحقيق التقدم السياسي بما يضمن تطبيق القرار الدولي 2216. كل هذا الضغط العسكري يفترض أن ينتزع منه المفاوض الأممي تسمية أطراف النزاع لمندوبيهم لتفعيل لجنة المراقبة والتهدئة في ظهران الجنوب بعد تدريبهم في المملكة الأردنية.
طرفا الانقلاب (الحوثي/ صالح) خسرا خلال الأيام الأولى من عملية «الرمح الذهبي» الكثير من قياداتهم الميدانية في كل جبهات المواجهات العسكرية، سواء الساحلية أو في مأرب وصعدة. هذه الخسائر الكبيرة ستجبرهم على التعاطي بشكل يخفف من هذا الضغط؛ وهو ما يهيئ الفرصة للوصول إلى اختبار حقيقي لهدنة وقف إطلاق النار، تستطيع هيئات الإغاثة الإنسانية من خلاله فتح ممرات آمنة لإيصال الغذاء والدواء للمناطق المحاصرة، ثم إطلاق عملية تفاوضية سياسية بدون شروط مسبقة، وتحييد كامل للتدخلات الخارجية في الترتيبات السياسية، وعلى رأسها التدخل الإيراني.