أحمد محمد الطويان
لا يوجد أجمل من النقد أو الانتقاد، عندما يكون صادقاً، بعيداً عن المصالح، وعندما يفهم الناقد كل ما يتعلق بالمنقود، ويدرك كل المقاصد، ويستوعب الأمر الذي يتحدث عنه، وأيضاً لا يبحث من وراء نقده العلني عن إثارة أو سمعة.
يجب أن نعرف بأن النقد الصادق بالمواصفات التي ذكرتها أعلاه موجوداً في إعلامنا، ولكن النقد المثالي أو الصحي أصبح نادراً. وتسيد المشهد باعة التنظير، ومن يلامسون العاطفة لتعطيل العقل وقلب الحقائق، لتكون لهم الجماهيرية والتصفيق، تجدهم يتحدثون بمنطق التحليل الرياضي في برامج كرة القدم، التي يكون طرحها حماسي وهو يتناسب بكل تأكيد مع لعبة رياضية شعبية، وذات الأسلوب التحليلي في الكرة تجده هنا وفي أوروبا وفي كل مكان. ولكن عندما تتحدث في السياسة والاقتصاد، لا يمكنك تسويق نفسك على حساب مشاعر الآخرين، لأن السياسة والاقتصاد هما مستقبل الناس وحاضرهم، وقوت أولادهم.
وأكبر مصيبة أن يتسلل إلى التحليل الاقتصادي أصحاب الأيديولوجيا، المنغمسين في الاتجاه التأليبي، الذين ينشرون السوداوية، ويختلقون الحكايات، ويساهمون في ترويج الإشاعات، من أجل خلق مشكلة، وليكسبوا التصفيق ويأخذوا البطولة.
ولا ننسى صنفاً سيئاً من الناس، ممن إذا اعطيتهم اهتماماً ومكانة قدموا المنطق، إذا كان لهم معرفة بمعنى المنطق، وإن لم يأخذوا مكانة أو كما يقال بالعامية "ما عطوهم وجه" أعلنوا أنفسهم مناضلين!
ويمكن تصنيفهم بلغة شعبية "جماعة لعبوني ولا بخرب" وهؤلاء لو تم اختيارهم في عمل حكومي أو اتصل بهم مسؤول رفيع، ستجدهم من المصفقين ويتحول نقدهم الجاهل إلى مديح ممجوج.
نحن في مرحلة دقيقة تتحرك فيها بلادنا نحو مستقبلها، ولتحقيق أهداف واضحة، ولن يستقيم العمل التنموي دون نقاش مجتمعي راقٍ، يحدد الأطر التنفيذية لعمل حكومي وشعبي مشترك، وهذا يتحقق عندما نطلق إعلاماً تنموياً ذكياً، يتوجه إلى المواطن، ويخاطبه بلغته، ويحترم عقله، ولا يقبل هذا الإعلام التنموي الوطني الذكي، بأنصاف المحللين، والجهلة الذين تصنعهم شعاراتهم الرنانة، وهم بعيدين عن العقلانية، وموهومين ويريدون إيهام غيرهم.. لابد من عمل سريع ينتزع التحليل السياسي والاقتصادي بالتحديد من بعض العاطلين والمحسوبين زوراً على العمل الإعلامي والمفروضين فرضاً على المشهد دون مقومات.
وفي المقابل علينا المحافظة على السياسيين والاقتصاديين الأصيلين والمتميزين، ودعمهم ولدينا الكثير منهم، حتى لو كان نقدهم شديداً ولكنهم صادقون ووطنيون ويعرفون ماذا يقولون وكيف يقولون ومتى يقولون. ومن يمدح لا يجوز وصفه بالنفاق، وهذا ما يحاول ترويجه المؤلبين والسوداويين الذين يحاولون منع أي كلمة إيجابية أن تقال بحق الحكومة.. لذا يحسب الكاتب المتعرض لإشعاع التحبيط ألف حساب قبل أن يكتب كلمة الحق الإيجابية، قولوا الحق سلباً أو إيجاباً وابتعدوا عن الإرهابيين الذين يمارسون سلطة خفية مصطنعة على الرأي العام الافتراضي.