تمر الأيام والأعوام مخلِّفةً آثارها على البقاع والأصقاع وقسمات الوجوه البشرية على حدٍّ سواء. لِتَعْبُرَ الحياة على متنها للوصول إلى نهاية المطاف، وها هو عدَّاد الوقت يزحف بلا ضجيج لِيَلْتَهِمَ العمر الإنساني مُنقضّاً عليه كما ينقض الوحش على فريسته المسكينة، وهي لا تملك من أمرها شيئاً سوى الإذعان والتسليم للقدر المحتوم. ومن ثم نسمع ونطالع في هذا المشهد ولسان الحال والمآل ينشد أنشودة الفناء صادحاً.
تحشرج الصوت المغرّد بالفلا وطغى على الرأس المشيب وتعامدت على الوجه نقوشٌ كتعاريج المسالك والشِعَب، كريشةٍ تخطُّ مخطوط الجدب، تنهد الوهن في مقلة الغصون في رعشة اليدين بلمسةٍ حنون وشهقة السكون تنتحب، في صدى الفضاء أنّات الوجع تفتت الأكباد حينما بالروح تستعيد ذاكرة الحياة بين ماضيها التليد، تسطّر الأيام على قامة الأشجار نصرها على بني البشر، فكلما اشتد بالليل المخاض وُلد النهار من رحم الظلام، وكلما كان البدر بازغاً أفل، هكذا يحل الحول ولكلِّ أجلْ، عرجونٌ بدا وإلى قلب السماء قد اهتدى وبعدها توارى من بين الحُجب،
لماذا .. ولِمَ .. وأين اختفى؟ أجب ...
فهكذا الأحياء والأشياء لكلٍّ نهايته من رضي بذلك أو شجب.