حرب الكلام، والتراشق به، والاستخفاف، والاستهزاء، كل ذلك لن يعول عليه ولن يجدي نفعًا إذا ما تطاولت علينا يد الأعداء.
إن كنت أنا الفاهم أم أنت أم فلان.. كلها لن تقدم ولن تؤخر في وقت نحتاج فيه إلى أن نكون يدًا واحدة. إن أكثر المتضررين من الفُرقة هم أهلها، وأكثر المستفيدين هم المتربصون من الخلف. هل أنا إذًا عدو نفسي، أم أنني أحتاج إلى من يمسك بيدي ليقودني إلى مصلحتي؟
عندما يخطفني التفكير في الأحداث والظروف السياسية التي تعيشها المملكة بحجم تعقيداتها وتشعباتها الكبيرة ينتابني شعور بالعجز والضعف على أن أبدي رأيًا واضحًا أو قريبًا من ذلك حيال ما يدور.
كم نحن في حاجة للتواضع، وعدم الخوض فيما ليس من اختصاصنا ولا مسؤوليتنا، ونخلي الأمر لحكومتنا الرشيدة ورجالها الأوفياء المخلصين الذين يمثلونها في الشأن السياسي، ونمنحهم الثقة التي نحتاج إليها، وأن نكون يدًا واحدة متعاضدين متماسكين أمام كيد الأعداء ومطامعهم ومراميهم.
باتت واضحة تلك المطامع، وإننا نحتاج إلى صحوة ونباهة إلى كل ما يفتتنا ويفرقنا ويجعلنا لقمة سائغة في فم الأعداء، وهذا بعيد عليهم - بإذن الله - لكن إن نادى المنادي اليوم بصوت أجش واثق، يهز الجبال، ويزلزلها من قوته، فربما يخبو إن لم يطرق مسامعه الصدى.
إن نزع فتيل الإحباط والتشاؤم والدوران حول الذات والانشغال بها أول خطوة ينبغي علينا نحن المواطنين أن نخطوها لقطع دابر التشرذم، والوصول إلى الوحدة والترابط الذي تحتاج إليه الأوطان في هذه المحاك والمحالك. وإن الخطوة الثانية التي لا غبار على أهميتها هي أن نكون صفًّا واحدًا مع الحكومة، لا يزعزعنا كيد كائد، ولا طمع طامع.
وإن الأماني التي بلغت من ذروتها ما بلغت ستعود إلى جحورها خائبة ذليلة منكسرة، تلطم الخدود، وتشق الجيوب، لا قوة لهم غير ذلك، ويبقى سيف الله شامخًا مسلولاً، ينبطح الأعداء من وطأته، ويتقوقعون {إِنَّ اللّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَواْ وَّالَّذِينَ هُم مُّحْسِنُونَ}.