ساستعير من صديقي المستشار والمدرب في نظرية - نموذج الترانسيرفينع رشيد العيسائي عنوان كورسه السنوي الماتع والمفيد الذي يقدمه(بساط العبور) لأجعله عنوانًا لهذه المقالات التي سأتناول فيها عرض - استعراض ما جاء في ثنايا هذا النموذج المعرفي - الثقافي - أعني نظرية الترانسيرفينغ أو نظرية فضاء الاحتمالات وتوجيه الواقع- الذي أبدعه المفكر الفيزيائي الروسي فاديم زيلاند الذي بدأ ينتشر في العالم العربي وإن كان ما زال في بداياته الأولى وهو يرى - زيلاند- بأن نموذجه إنما هو تقنيات إدارية في الواقع وكيفية التعامل معه بمختلف مواقفه وأحداثه ومن منطلقات هذا النموذج؛ تشبيه الحياة بأنها كما الخطوط مثلها في ذلك مثل الشجرة تمامًا وأن غاية الترانسيرفينغ هو الانزلاق بين خطوط الحياة وليس فقط التجمد والتوقف على ما تم الحصول عليه عبر الظروف. ولعلنا ننطلق متسائلين عن ماهية هذه الحياة التي نحن نعيشها؟ وما هو هذا العالم - الكون الذي نشغل حيزًا فيه!!؟ ويأتينا الجواب من ثنايا نموذجنا بأن الحياة - العالم - الكون حقيقة موجودة ذات ازدواجية بمكونين أساسيين اثنين فأما المكون الأول فهو: المادي فهناك مثلاً حضارات قائمة تحتوي على بلدان ودول وشركات ومزارع ومدارس ومصانع وما إلى ذلك والمكون الثاني: الطاقي الذي هو حقل معلوماتي غير محدود ومليء بالاحتمالات بما لا يخطر على بال حتى إن زيلاند شبهه باللوح المحفوظ عندنا نحن المسلمون. وأن ما يُكوِّن ويشكِّل مجموع حياتك بتفاصيلها أو قل واقعك - عالمك هو ظنونك التي أنت تحملها بين جنبيك مبتعداً في ذلك عن المنهج المادي الذي يرى بأن ما يكوّن واقعك - حياتك الجوانب المادية فقط وفي نفس الوقت مبتعداً عن المنهج المثالي الذي يرى بأن ما يكوّن حياتك هو وعيك منفصلاً عن الجوانب المادية وهو في تقريره بأن ظنونك هي بوابة حياتك بتفاصيلها يحدد نقطة انطلاق وهي بأن العالم يشبه المرأة وحياتك أو واقعك يتمظهر - يتشكّل بالشكل الذي أنت تظنه به وإذا كان الإنسان هو خليفة الله في الأرض وهو مأمور بعمارتها وكُلف بحمل الأمانة كما قال تعالى: {إِنَّا عَرَضْنَا الْأمانة عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالأرض وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنسان} ثم إذا استصحبنا بأن الله سخر كل ما في هذا الكون بسمواته وأرضيه وما بينهما للإنسان كما قال تعالى في سورة الجاثية: {وَسَخَّرَ لَكُمَّا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأرض جميعًا مِّنْهُ أن فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لَّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} ثم يأتي هذا الإله العظيم وموجد الموجودات ليقول لنا بكل بساطة ولغة راقية كما في الحديث القدسي: (أنا عند ظن عبدي بي، وأنا معه إذا ذكرني، فإن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي، وإن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منهم، وإن تقرب إلى بشبر تقربت إليه ذراعًا، وإن تقرب إلى ذراعًا تقربت إليه باعًا، وإن أتاني يمشي أتيته هرولة). فكيفما هي ظنونك أيها الإنسان تكن أنت فإن ظننت به خيرًا وجدت الخير وإن ظننت به غير ذلك وجدت ما ظننته - بثثته وخلف كل تلك العبارة - أنا عند ظن عبدي بي- أقرأ ما يحثنا على ضبط أفكارنا ومراقبتها بكل انتباه ذلك أنك من خلال أفكارك أنت توجه واقعك وتهندس تفاصيل حياتك - بإذن الله - إلى حيث تريد وبالشكل الذي تتصوره وتنويه أي أنك بذلك تسهم بصناعة أقدارك. وأيضًا في هذا تنمية حس المسؤولية تجاه اختيارتك التي أنت تستجلبها لحياتك إِذ إن القدر إنما هو جميع أشكال حياتك المسجلة في بنية طاقية معلوماتية ضخمة جدًا وأنت لك القدرة على الاختيار من هذه البنية وطبعًا نحن نؤكد بأن كل ذلك بقدر الله فهو الذي يخلق أفعال عباده وييسرها لهم ويعينهم عليها والفكرة إذن: إن احتمالاتك كلها مسجلة في مناطق بسيناريوهات معينة أي (أحداث يتشكل بها الاحتمال في الواقع المادي) وبشكل لا نهائي وأيضًا بديكورات خاصة أي (الأشياء التي أنت تستعملها لتحقيق ما تريد أو لتجسد احتمالك) وفي هذا أختم بما ذكره شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- في مجموع فتاواه حيث قال: وعند وجود: (القدرة التامة والإرادة الجازمة) فإنه يجب وجود المقدور. وهذا النص يؤكد لنا أنه كيفما تفكر وتعتقد يتحقق ويتجلى، وليست القدرة التامة إلا فكرة داخلية تزودك بصورة واضحة وذات جودة عالية بأنك قادر على فعل - ترك شيء ما، وقل نفس الشيء عن الإرادة الجازمة فراقب أفكارك واشحذ همة مراقبك الداخلي ولا تسمح لأن تكون ضحية للآخرين واستيقظ فلربما كنت في سبات عميق وأنت تظن أنك في صحوة مباركة. وتذكر بأن اليوم جميل وغدًا سيكون أفضل بإذن ربي وصدق الله تعالى عندما قال في كتابه المقدس: (إنما الحياة الدنيا لعب...) إنها لعبة فأجد أساليب التعامل مع لعبتك تكن من الفائزين.