فهد بن جليد
حتى تعيش الصحف السعودية الورقية حياتها الطبيعية لحين موعد تحولها الكامل إلى (صحافة رقمية) في الوقت المُناسب (يُقدره البعض بين 10- 15 سنة أو أقل) تبعاً لرتم وسرعة التطور التقني والتكنولوجي في الثورة القائمة حالياً، ومدى تقبل المجتمعات له، على صحفنا الورقية تحديداً أن تُجدِّد من نشاطها، وتغيِّر من ثوبها (الإعلاني) الذي هو المحك الرئيس للبقاء، وبين سلوكها الإخباري والتحليلي الذي هو الضمانة للبقاء والانتشار..؟!.
برأيي أن الجزيرة الصحيفة والمؤسسة قادرة على قيادة الصحف الورقية والمؤسسات الشبيهة لـ (ردم الهوة) بين المطبوع والرقمي من صحافتنا ومطبوعاتنا، وخلق جيل جديد يجمع بين مُميزات المدرستين، وهنا لزامنا أن تجد مثل هذه الخطوات التنافسية دعماً (رسمياً) وتجاري، كون مثل هذا التطور يصب في النهاية في مصلحة المتلقي والصناعة الإعلامية السعودية، وهو ما يستوجب تكاتف الصحف السعودية وتنظيم خطواتها لدعم موقفها، عبر مُبادرات يمكن أن تنطلق وتقوم بتفعيلها هيئة الصحفيين السعوديين.
صحف قليلة حافظت على لياقتها الإخبارية، ووجودها النشط، وفعاليتها للمُتلقي والمُعلن في وقت واحد، الجزيرة نالت شهادتها في هذا الجانب عالمياً وليس محلياً أو إقليمياً فقط، فقد كانت من يستعرض التجربة السعودية الراقية والحديثة والطموحة في الطباعة الورقية الحديثة التي تقودها الصحيفة، عبر منظمة (وان - إفرا) الاتحاد العالمي للصحف وناشري الأنباء في (أكتوبر الماضي) حيث اطلع الناشرون على المستوى التقني والرقمي الذي وصلت له مطابع الجزيرة، بإضافات فريدة ومثيرة فيها عنصر المُفاجأة للمُعلن (بالمناسبة لا توفرها وسائط التواصل حتى الآن)، مثل الصفحات البانورامية الثماني الواسعة، الإعلان بالشم في كل عدد ورقي مطبوع ليحمل رائحة (المُنتج المُعلن عنه)، الطباعة باللون الخامس كألوان إبداعية جديدة، القص الفني لأكثر من صفحة ليظهر الإعلان في عدة صفحات مُتتالية.. الخ، من المشاركات التي عكست مستوى الصحافة السعودية الورقية وتطورها، ومدى منافستها القادمة..؟!.
بقي أن نقول في نهاية هذه الحلقات أن ما تتعرض له الصحافة الورقية، ووسائل الإعلام التقليدية من ضغط اليوم، هو نتاج انكماش ملحوظ في السوق الإعلاني العالمي، وبالتالي يجب عدم التسرع في الحكم على الصحافة الورقية بالموت، خصوصاً من بعض أبنائها الذين تسابقوا للخروج من هذه المؤسسات نتيجة (فوبيا مُصطنعة)، تعاني منها حتى المؤسسات الرقمية والفضائية والفنية وشركات السويشال ميديا، التي تسرح بعض موظفيها نتيجة ضعف الإعلانات الذي هو المحك الرئيس والفيصل في المسألة...!.
وعلى دروب الخير نلتقي.