م.عبدالمحسن بن عبدالله الماضي
من المشاكل التي تعانيها الصحافة التقليدية أن القائمين عليها يريدون حلولاً لمشكلتها مع الإعلام الجديد من خارج المؤسسة الإعلامية وليس من داخلها.
فإذا نظرنا إلى الوضع الحقيقي لمعظم الصحف التقليدية لوجدنا أن لديها نقاط قوة مهمة منها: قوة العلامة التجارية، الجماهيرية العريضة، الأرشيف الضخم، القدرات التحريرية والاستشارية، اهتمام النخب المجتمعية، التجربة العميقة.. وغيرها.
وإذا نظرنا إلى الصحافة الإلكترونية القائمة (خارج نطاق الصحافة التقليدية الإلكترونية) لوجدنا أنها مجرد وعاء ناقل وناشر للمحتوى الذي تصنعه الصحافة التقليدية.. ومبادراتها الفردية في صناعة المحتوى تفتقد إلى الدقة وضعيفة المصداقية وقصيرة الاستدامة.. لذلك فهي تعاني كثيراً في صناعة المحتوى ونجاحها قائم على عنصر السرعة والنشر الفوري.. وليس لديها ارتباط بمواعيد طباعة أو أعباء تكاليف الطباعة أو النقل أو التوزيع.. بمعنى آخر الصحافة الإلكترونية سهلت الوصول للقارئ بتكاليف قليلة.. لكن صناعة المحتوى لا تزال حكراً على الصحافة التقليدية.
إذاً ما هو الحل للمشكلة التي تشكو منها الصحافة التقليدية؟.. فعلى الرغم من أن لديها معرفة تراكمية في صناعة الصحافة لا تقارن إطلاقاً بشقها الإلكتروني.. إلا أنها تعاني وتتراجع أمام الصحافة الإلكترونية.
«الواشنطن بوست» صحيفة تاريخية عريقة تبوأت المركز الأول في الصحافة الأمريكية لقرن كامل.. لكنها فشلت في التعايش مع زمن الصحافة الإلكترونية وأصبحت آيلة للسقوط.. لم ينفعها قربها الشديد من صنّاع القرار السياسي الأمريكي ولم يغنها تاريخها العريق.. فلم يكن أمام مُلاَّكها الذين لم يفرطوا فيها طوال قرن سوى أن يوافقوا على بيعها لمؤسس موقع «أمازون» وسط دهشة واستغراب العاملين بالأوساط الاقتصادية لاعتقادهم أنه اشترى صحيفة «مريضة جداً»!.. وفي غضون عامين حققت نجاحاً وربحاً.
نحن أمام مرحلة يجب أن تتعلَّم فيها الصحف الورقية كيف تتحول إلى صحف إلكترونية.. فصناعة المحتوى متوافر لدى الصحف الورقية.. ولا يبقى إلا طريقة عرضها وتسويقها إلكترونياً.. الحل إذاً داخلي بحت.