د. عبدالواحد الحميد
بعض المؤسسات التي تبيع خدماتها للمستهلك تخدعه عندما تُرَوِّج لخدماتها بإعلانات تحتوي على معلومات غير دقيقة يصعب على المستهلك اكتشافها قبل الوقوع في فخ الإعلانات المخادعة.
هذه الإعلانات تحتوي على أنصاف حقائق، وأحياناً أقل من ذلك! وعندما يقرأ المستهلك هذه الإعلانات التي تتضمن عروضاً مغرية أو يسمعها عبر التلفزيون أو الراديو ينخدع بسهولة لأن الطريقة الاحترافية التي يتم من خلالها صياغة المحتوى الدعائي تحجب عن المستهلك المستوى الحقيقي للخدمة التي يشتريها!
من حق أي مؤسسة تجارية أن تعلن عن خدماتها، ولكن ليس من حقها أن تخدع المستهلك. فهي حين تقدِّم عرضاً وتدَّعي، على سبيل المثال، أنها تمنح المستهلك خصماً أو تخفيضاً في السعر ثم يكتشف هذا المستهلك بعد شرائه للخدمة أن الخصم مرتبط بشرطٍ لم يكن واضحاً في الإعلان الترويجي فإن ذلك ـ ببساطة ـ هو خداع واستغلال للمستهلك. ومن الملاحظ أن هذه الإعلانات الترويجية المخادعة كثرت في الآونة الأخيرة، وهي تعتمد على تقنيات الإخراج الفني والتركيز على جزئية صغيرة قد تكون صحيحة أو شبه صحيحة بما يعطي المتلقي انطباعاً غير حقيقي عن خدمة يظن أنها متميزة فيشتريها بماله ثم يكتشف أن الصفقة خاسرة، وأنه قد سُرِق واستُغفِل من قبل الشركة التي أطلقت الإعلانات المخادعة.
بعض الشركات التي تعمل في مجال الاتصالات تمارس هذا النوع من الترويج الدعائي، لكن هذه الممارسة لا تقتصر على شركات الاتصالات. فعلى سبيل المثال، تقدم بعض البنوك عروضاً مغرية لا يكتشف عميل البنك أنه لم يفهمها على حقيقتها إلاَّ بعد أن يقع الفأس في الرأس. فالعميل الذي غالباً ما يفتقر إلى الخلفية القانونية والمالية الكافية قد تدفعه الحاجة إلى قبول عرض «ملغوم» لا ينتبه إلى محتوياته التي تتضمن شروطاً تبدو ميسرة أو حتى غير مفهومة جيداً لأنها غالباً ما تكون مطوَّلة ومكتوبة بحروف صغيرة يصعب قراءتها، لكن العميل يكتشف لاحقاً انه وقع في ورطة كبيرة يصعب الخلاص منها.
هذا يحدث أيضا للمستهلك حين يتعامل مع بعض شركات التأمين، فهو يوقع على أوراق كثيرة تحتوي على معلومات تتناقض مع السياق المغري للعرض، وغالباً ما تكون مكتوبة بحروف صغيرة غير مقروءة. ولكن عندما يحتاج العميل إلى الخدمات التي ظن أنه اشتراها من شركة التأمين يتفاجأ بأن الشروط لا تنطبق عليه، وأن العرض المغري والمحتوى الإعلاني الترويجي لم يكن سوى طعم لاصطياده.
سيظل المستهلك عرضة لهذا النوع من الاستغلال إلى أن تنشأ في بلادنا جمعيات نشطة لحمايته. ولكن في الوقت الحاضر يبدو أن بوسع أي شركة الترويج لخدماتها وبضاعتها كما يحلو لها، وفي النهاية يكون المستهلك هو الضحية.