عروبة المنيف
التفاعل الإيجابي من قِبل وسائل الإعلام سواء القنوات الفضائية أو وسائل التواصل الاجتماعي مع استجابة الأمن العام، ممثلاً بجهاز الشرطة في إيقاف "زواج قاصر"، ابنة الثمانية أعوام لمن يكبرها بأربعة عقود، يبشر ببوادر انفراجات في الوعي المجتمعي وبازدياد حس المسؤولية الاجتماعية من قِبل الأفراد والجهات ذات العلاقة، في منع حدوث ذلك الاستغلال والعنف ضد المستضعفين من النساء والأطفال.
بدأت الحكاية ببلاغ صادر من قِبل شخص قريب من الفتاة القاصر عندما اتصل على خط مساندة الطفل 116111 الذي خصصه برنامج الأمان الأُسري الوطني لتقديم جميع الاستشارات التي تخص الأطفال والتبليغ عن حالات العنف ضدهم. عند استلام البلاغ الذي اعتبره القائمون على هذا الخط بمثابة استغاثة وأيدهم الأمن العام الذي استجاب مباشرة واتجه إلى مكان عقد القرآن، حيث إنّ الأب كان قد باشر بالفعل إجراءات تزويج الفتاة الصغيرة، لقد تجاوب الجنود المجندة لذلك البرنامج القابعون خلف الخطوط في إنقاذ الطفلة من ذلك الاستغلال والعنف بالتعاون مع الجهات المسؤولة عن الحماية، فعلى الرغم من عدم وجود قانون واضح يمنع زواج القاصرات، إلا أنّ حس المسؤولية الاجتماعية الصادر من قبل المحيطين بالطفلة المستغلة أو من قِبل الجهات الرسمية المخولة بالتدخل لمنع تلك التجاوزات، قد ساهم في إنقاذ تلك الحالة والعديد من الحالات الأخرى التي أعلن عنها برنامج الأمان، والتي تجاوزت الست وعشرين حالة حسب إحصائية عام 2016 .
من المثير للاهتمام أنّ السبب الرئيس لحدوث تلك الحالة والحالات الست والعشرين الأخرى التي باشرها برنامج الأمان الأسري، هو هدف مادي بهدف الحصول على المهر من قِبل الولي، وهذا ما يندرج تحت مظلة الاستغلال الجنسي والاتجار بالبشر، فالهدف لم يَعُد موروثاً ثقافياً أو اجتماعياً أو دينياً كما يدعي البعض ولا من باب الستر على الأنثى، بل هو هدف مادي تجاري بحت!!.
لقد وقعت المملكة على اتفاقية الاتجار بالبشر على المستوى الدولي. وأصدرت كذلك نظام مكافحة الاتجار بالأشخاص الصادر عام 2009 على المستوى المحلي، وحسب النظام "يعاقب كل من يرتكب جريمة الاتجار بالأشخاص بالسجن مدة لا تقل عن خمس عشرة سنة وبغرامة لا تزيد عن مليون ريال أو بهما معاً".
عندما تتحول قضية تزويج القاصرات إلى قضية متاجرة "بيع وشراء" ، تأخذ القضية منحى آخر وهو "الاستغلال الجنسي والاتجار بالبشر"، وفي ظل عدم وجود قانون صريح يحمي القاصرات من استغلال أوليائهم، يبقى الأمل معقوداً على تطبيق قانون "الاتجار بالأشخاص". والجميع يدرك الأضرار النفسية والجسدية على القاصر من هكذا اقتران، حيث ترتفع تكاليف الصحة العامة وما يتبع ذلك من انحلال أخلاقي ودعم للجريمة وإعاقة للتنمية بشكل عام.
نشيد بمجهودات هؤلاء الجنود القابعين خلف الخطوط وبمجهودات الأمن العام، وجميع الجهات الإعلامية التي ساهمت بنشر الوعي تجاه خطورة تلك القضية وعِظَم ذلك العمل الإجرامي الأبوي.