عماد المديفر
من يتتبع سلوك تنظيم ميليشيات الحوثي الراديكالية الرجعية الظلامية مذ تأسيسها في طورها الدعوي بداية نشأتها بمسمى "الشباب المؤمن" نهاية الثمانينيات بداية التسعينيات على يد بدر الدين الحوثي وابنه حسين، إلى طورها اليوم بمسمى "أنصار الله"، وخوضه ست حروب متقطعة ضد الدولة اليمنية شعباً وحكومةً كخروج إرهابي مسلح منتصف 2004م، ويمعن النظر في أيديولوجيتهم التي عدها علماء الزيدية خروجاً فجاً عن المذهب، وتحالفات هذا التنظيم وتواصله وتنسيقه وتبادل الدعم والتعاون بينه وبين التنظيمات الإرهابية الأخرى في اليمن والصومال ولبنان والعراق. يعلم تماماً أنه لم ينشأ من فراغ، إذ ثمة تنسيق واضح، وخيوط تواصل منسوجة بعناية وأناة فائقة وإحكام.. تكشف أن هذه التنظيمات تنتمي لشبكة واحدة، وتقع تحت مركز سيطرة وتوجيه واحد.. وإن تعددت مذاهب هذه التنظيمات وكَفَّرت معتقداتهم بعضهم بعضا- في مفارقة قد تبدو غير مفهومة عند من ينظر للمشهد دون تعمق- إذ تتنوّع عقيدة هذه التنظيمات الإرهابية ما بين "إمامية إثنى عشرية" كحزب الله، وفيلق القدس، والتنظيمات الإرهابية الشيعية في العراق المنضوية تحت راية تنظيم "الحشد الشعبي".. تكفِّر السنَّة والزيدية، وجميع الناس في العالم دون استثناء عدا أتباعها.. -انظر "الشيخ المفيد" أحد أكبر علماء الإمامية الإثنى عشرية في كتابه المرجع "أوائل المقالات"-.. أو زيدية، كـ"أنصار الله".. ترى أيضاً بدورها "كفر" الإثنى عشرية و"ضلالهم" وأنهم "مشركون" كما ذكر الإمام الهادي يحيى بن الحسين في كتابه المرجع الزيدي الرئيس "الأحكام".. وتنظيمات تقول بأنها "سنية" كالقاعدة وداعش أو صوفية ديوباندية كطالبان.. تكفِّر جميع المجتمعات الإسلامية عدا من تبع أيديلوجيتها؛ ورغم ذلك فهي تخدم بعضها بعضا، وتتبادل الأدوار، كون هذه التنظيمات في الواقع تنطلق من منطلقات مشتركة، وبوتقة واحدة: "الإسلام السياسي".
وفيما يخص تنظيم "أنصار الله" فالواقع يظهر بجلاء أنه لم ينشأ مطلقاً من رحم المجتمع اليمني، لا من حيث الأيديلوجيا والأفكار والعقيدة التي يعتنقها، ولا من حيث التنظيم، ولا من حيث الهدف، ولا من حيث الدعم المادي والعسكري.. وإن كان قادة هذا التنظيم لهم امتدادات قبلية حقيقية.. لكن جرى استغلال نزعة رغبة بدرالدين الحوثي لإعادة حكم الإمامية لليمن ليتم توظيفها كمدخل في تجنيدهم ليكون ضمن هذه المنظومة الإرهابية التي تخدم أجندة نظام الولي الفقيه في طهران.. وهو ما تم بالفعل حين استقر بدر الدين وابنه حسين في طهران سنوات طوالاً، جرى خلالها محاولة التقريب بين المذهبين المتناقضين المتخاصمين اللذين يكفِّران بعضهما بعضا: الزيدية والإثنى عشرية..
وبالتالي عملت طهران بشكل مدروس عبر أدواتها من رجال الدين لغسل أدمغة الجهلة، عبر القول بأن "حسين بدر الدين الحوثي" هو الممهد لخروج المهدي المنتظر "الإمام الثاني عشر"، وهو أي "حسين بدر الدين" ذاته المقصود "بالروايات باسم حسين اليماني... من ذرية زيد بن علي...." والذي يخرج في قرية (كرعة) في منطقة بني خولان قرب صعدة" وأنه يجب على الزيدية والإثنى عشرية " الإيمان به ونُصرته واتباعه".. كون:"ثورة اليماني ورايته أهدى من ثورة الخميني ورايتهم" فهي "تحظى بشرف التوجيه المباشر من الإمام المهدي عليه السلام - صاحب السرداب- وتكون جزءاً مباشراً من خطة حركته، وأن اليماني يتشرَّف بلقائه ويأخذ توجيهه منه"..!
هذا الهراء موجود فعلاً ونصاً في كتب طُبعت بتوجيه من الخميني أبرزها كتاب "عصر الظهور" للكوراني.. فيقول مثلاً: "أحاديث ثورة اليمانيين تركِّز على مدح شخص اليماني قائد الثورة، وأنه يهدي إلى الحق، ويدعو إلى صاحبكم - يقصد المهدي المنتظر-، ولا يحل لمسلم أن يلتوي عليه، فمن فعل ذلك فهو إلى النار"..! كذب وخرافة تنتهي بالتكفير والحكم بالخلود بالنار لكل من أراد أن يعمل عقله ولا ينضم لهذا الإرهابي التكفيري العميل المدعو "حسين الحوثي" تحت الشعار الإرهابي: "الله أكبر.. الموت لأمريكا.. الموت لإسرائيل.. اللعنة على اليهود.. النصر للإسلام"..!
والهدف من ذلك واضح دون شك.. لما لليمن من أهمية كبيرة في خطة نظام الولي الفقيه لاحتلال الحرمين الشريفين.. إلا أن الله سبحانه قدَّر ما لم يكن في حسابهم.. إذ بمقتل "حسين بدر الدين" الذي تم تقديمه بأنه "المؤيد والمنصور من عند الله": تهاوت أسطورتهم، واليوم يحاولون إعادة ذات المسرحية لكن بممثل جديد: "عبدالملك الحوثي"..
إنهم في الواقع جسم سرطاني خبيث، ونبتة شيطانية غريبة.. نشأت وترعرعت من خلية مشوهة، وواهم من يعتقد أن تنظيم "أنصار الله" يسعى لصلاح اليمن، أو يريد سلاماً.. بل له طريق تخريبي ثوري إرهابي يمشي عليه، ضمن مخطط أكبر يديره نظام ولاية الفقيه في طهران عبر أدواته الإرهابية وصولاً لمخططهم الخطير الذي لا يخفونه والذي ذكرته آنفاً ويصرحون به دون مواربة: احتلال الحرمين الشريفين.. باعتبارهما اليوم بحسب أدبياتهم "تحت الاحتلال الأمريكي الإسرائيلي!" وهو ما يفسر شعارهم الإرهابي الخبيث: "الموت لأمريكا.. الموت لإسرائيل.. النصر للإسلام".