- أهداني أخي وأستاذي الجليل اللواء عبد القادر بن عبد الحي كمال معزوفة شعرية رشيقة الكلمات... جزلة الألفاظ.. شريفة المعاني. بعنوان معزوفة الريح.. من قرأها علم أنها سُطرت بيدِ خبيرِِ بدروب الحياة ودقائق أنفاسها، استهلَّ فيها استمدادهُ من اللهِ تعالى على نحوِِ من الضراعةِ قائلاً:
ياربِّ رُدَّ لخافِقي أمَلاً
وامْدُدْ عليه من الرّجا سَبَباً
وها نحن نرى فتح الله له في جمع سماقة المعاني ونبل المقصد مع عذوبة اللفظ ورشاقة خفته حتى استحالت قصائده معزوفة تطربُ في أخلاقها وشريف قصدها كل حر رقيق المشاعر باحث عن الفضيلة.
- وقد بدأت تلكم المعزوفة بأخلاق تُريق دمع كلَّ شريفِ، حتى لكأني أسمع خَفق فؤادي حينما أقرأ عَزْفَه:
والمرُوءاتُ في جبينيَ تَرنو
لفضاءِِ مُرجَّبِِ ومُحبَّبْ
أتمنى لو حُزتُ بسطةَ كَفّ
لأُزيلَ العناءَ عن كل أسغَب
ذاكَ من شيمةِ الكرام وإرثٌ
قد تخولتُه من الخالِ والأبْ.
- إن لمسة الوفاء للإنسانية المكدودة البائسة هي دِينٌ لطالما رأيناه في خُلق أستاذنا اللواء عبد القادر وها قد تكلم لسان قلبه بما صَادقَ عليه طول الزمان وعرضه وأحسبه كذلك ولا أزكيه على الله.
- ثم يُلهب بسياط عبارته سَفيِلُ معاني اللؤم ورعونات الخسة فيقول:
لستُ أَشْكو لكنني أتَعجب
كيفَ تغدو دناعة النفس مَذهَبْ
كيف تُغري مصالحُ المرء حتى
يستطيبَ المُقَامَ في جُحرِ أَرْنَب
كيف تصفوا الدُّنا لزيدِ وعمرو
وهما - إن صَدَقْتُ - نِمْسٌ وثَعلبْ
- ثم تطربنا المعزوفة بدرجة عالية في التدين عندما تصور معاني البطولة والعفة والترفع عن إصابة الدنايا ومواقعة الحرام حينما يقول:
فلقد صُنتُ يا حبيبةُ نفسي
وتعففتُ عن لميس وزينب
وترفعتُ عن حرامِِ ورجسِِ
وتأبيتُ مجحر الحسل والضب
- ثم يزيد العزف قوة وصلابة عندما يؤسس الشاعر لثبات المبدأ وفخر الخلق فيقول:
« ما خبطت العشواءَ اسرِى دبيباً
مثلما دبَّ عقربٌ نحو عقربْ
تلك أخلاقُنا ولا فخر أنا نلجم
الخصم إن تعدَّى ليشغبْ
- وإني لأرجو من الله أن يتغنى بهذه المعزوفة كل طفل وكل كبير فإن الإنسان بالخلق يحيا وبه يلقى ربه إن أراد أن يكافئه بواسع كرمه وجزيل فضله، وإن المعزوفة لم تنته. وإني سأُحاول جاهدا أن أتلقف كل طرفِ منها في مقال آخر وآخر... تحت عنوان معزوفة رشيقة...نتلمس بها أبوابا من الخير والمعرفة ودروبا من فهم الحياة وأحوالها وأختم مقالتي بشكري البالغ لأخي اللواء عبد القادر عبد الحي كمال على معزوفته الشيقة والتي سماها معزوفة الريح.
- يوسف عقيل الحمدان