إبراهيم عبدالله العمار
مبدأ «الميل» أو الإعجاب من المبادئ التي تُستخدم لحثك على الشراء، وهو أن ترى في الشخص خلالاً وخصالاً تعجبك، وكلما زادت هذه الخلال زادت احتمالية أن تشتري السلعة التي يحاول بيعها لك. هل لاحظتَ هذا في نفسك؟ لا بد، فهي شيء مشترك بيننا كلنا كما يقول كتاب «التأثير».
الباعة الناجحون هم الذين يوظفون هذه الخصال لصالحهم، فأول هذه الخصال الجمال، فقد أظهرت دراسات كثيرة أن حسان الوجوه لديهم ميزة، فيرى الناس فيهم صفات إيجابية كاللطف والذكاء والمهارة، ولو لم تستند على شيء.
الخلة الثانية هي المشابهة، فالناس يميلون لمن يشابههم، وكلما زاد التشابه زادت احتمالية أن تشتري السلعة، فأسهل وجه للتشابه هو اللباس، فإذا تساوت كل العوامل فإنك أرجح أن تشتري من شخص يلبس مثلك لو كان الآخر ذا لباسٍ غريب. وأما أوجه التشابه الأخرى فإن البائعين تدربوا على البحث عنها، فلو علم البائع أنك من المدينة الفلانية فقد يثني عليها ويقول لك إن أحد معارفه ولد هناك وأنها مدينة لطيفة، ولو رأى في سيارتك أدوات تخييم لربما انطلق يتحدث عن حبه للبراري والصحاري، وهكذا. البائع المحترف يحاول البحث عن أي خصلة مشتركة بينك وبينه، ومن لا وازع من دين لديه فلن يمانع المبالغة أو حتى الكذب، لأن التشابه -على ما يبدو فيه من قيمة قليلة- عنصر قوي ويحركنا بلا شعور.
الخلة الثالثة التي يحاول فيها البائع إثارة إعجابك هي الثناء، وهذه كلنا تعامل مع بائع طبقها، فيهيل عليك الإطراءات ويمدح ذوقك ومظهرك وشكلك، والكثير يدرك أنها ليست صادقة لكن الغريب أنه هذا لا يهم ويظل المديح ذا تأثير طيب!
الخلة الرابعة هي التعاون، وهي أن يصنع فعلاً يوهم فيه أنك متعاون معك وأنك وإياه صف واحد أمام شيء ما، ومن أكثرها شيوعاً عندما تصر على خصم على إحدى السلع فيغيب البائع قليلاً ثم يعطي خصماً معيناً ويقول لك: «لقد حاولت مع مديري ولكن هذا أقصى ما سمح لي أن أخصمه»، حينها صنع جبهة قتال زائفة أوهمك فيها أنك وإياه صف واحد أمام العدو المشترك، وهو مديره، فهكذا يزيد ميلك إلى البائع.
الخلة الخامسة هي الربط، وهي عندما يربط البائع السلعة بشيء آخر يحث على الشراء، لهذا من يتأمل الدعايات في الغرب خصوصاً يجد أنه لا يكاد الإنسان يرى دعاية إلا وفيها فتاة حسناء، حتى في بضائع لا تتعلق بالمرأة، كدعاية هاتف أو صابون أو حاسب، لأنهم يعتمدون على فكرة أن العارضة يمتد تأثير حُسنها للسلعة المرغوب بيعها فتُعجَب بها، وهذه توضحها تجربة طريفة، فقد صنع الباحثون دعايتين لسيارة جديدة، إحداهما فيها شابة جميلة، وعرضوهما على قسمين من الرجال، فالقسم الذي رأى دعاية الفتاة كانت آراؤهم عن السيارة أكثر إيجابية، فقالوا إنها تبدو لهم أسرع وأكثر جذباً وأغلى ثمناً وأجود تصميماً، رغم أنها نفس السيارة ونفس الإعلان ما خلا المرأة!
إذا أوشكت أن تشتري سلعة غالية السعر فاسأل نفسك: في العشرين دقيقة الماضية التي قضيتها مع هذا البائع، هل أتاني شعور أنني ملت إليه وأنه أعجبني أكثر وأسرع من العادة؟ ليس مهماً أن تعرف سبب إعجابك، يكفي أن تلاحظ شعور الميل السريع. إذا كان الجواب نعم فلترن أجراس الإنذار في عقلك.