د.ثريا العريض
تابعت مع سائر المواطنين ما نُشر رسمياً وعلى وسائل التواصل من تفاصيل القبض على الإرهابيين في حي الياسمين.. والفيديو الذي صوّرته مواطنة من شباك منزلها لتسجل تفاصيل الحدث وبسالة الجنديين اللذين تصديا لهما وأنقذا العالم من شرور خططهما المترصدة لمزيد من الإرهاب.
أشيد بالسيدة التي سجلت الحدث كما أشيد ببسالة الجنديين.
هكذا نرى حب الوطن وصدق الانتماء مجسّداً في الفعل الواضح.
أثق تماماً أن رؤية وبرنامج التحول ستحقق للمرأة السعودية ما يحلم به كل محب للوطن وأمنه. مع بدء الدورة السابعة لمجلس الشورى, ما زالت تأتيني الأسئلة الشائكة حول ما حققناه لها. نعم حققنا بعض ما تفتقد.. وبقي الكثير الذي آمل أن أراه يتحقق متى ما نزعنا أشواك التوجس والخوف وعدم الثقة والرغبة الأنانية في إبقائها في دور جسدي يحرمها من قدراتها الإنسانية ومهاراتها المهنية ورغبتها في المشاركة الكاملة.
حتى وهناك قلة من المحتجات داعشيات التوجه يهددن الأمن والاستقرار. هناك الكثير من الشابات المؤهلات كل ما يردنه هو الشعور بالأمن والاستقرار وفرصة تحقيق الذات والمشاركة في استدامة أمن الوطن واستقراره.
وأتوقف مرة أخرى عند السؤال: هل مفهوم الأمن يعني انعدام التهديد من الخارج؟ أم مقاومة الهشاشة والاستعداد للتصدع والتفكك من الداخل؟ أم يتضاعف الخطر بوجودهما معاً؟ سؤال مهم بناء عليه تتحدد الأولويات. شعباً مخلصاً وقيادة حكيمة واعية, علينا اتخاذ كل الإجراءات واستحداث كل ما يحارب مسببات الضعف في الشعور بالمواطنة وتخلخل الشعور بالانتماء. ومنها استيعاب المرأة في خطط مقاومة الخطر والمساهمة في البناء.
متطلبات الحاضر غير ما كان يكفي في الماضي، ونحن في حقبة التواصل التقني، لا يعتمد الأمن فقط على الأسوار وتأمين الحدود بقدر ما يعتمد على ضمان ولاء المواطنين من الداخل. والمواطنات على رأسهم. لا يجب أن نهمش جوانب أوضاع المرأة ونحن نختار أولويات العمل لبناء دفاعات الوطن ضد محاولات القلقلة. ضعف بنية اللُحمة من الداخل تعالج بمنع مسببات عدم الاستقرار بين المواطنين - ونصفهم نساء - نفسياً واقتصادياً, وبتقوية الشعور بالانتماء. ودور المرأة يكتمل بمشاركتها فعلياً كطاقة مؤهلة، وقد نؤسس لذلك بفتح مجالات تدريب المرأة في مجالات جادة وتوفير فرص لعملها. وما زال علينا أن نسهل عليها حركتها ونحررها من الاعتماد على غيرها ليوصلها إلى حيث تقضي حاجاتها. وثانياً هناك دورها في التنشئة الصحيحة لأبنائها وبناتها بزرع الانتماء فيهم منذ الطفولة, وتوضيح معنى ومسؤوليات حب الوطن, وأهمية أمنه واستقراره, لضمان حاضر سعيد, ومستقبل يحتضن ويحمي ويحقق طموحاتهم في النجاح والسعادة وديمومة الاستقرار.
لا تستطيع إلا الأم التي تشعر بالرضا عن موقعها كمواطنة أن تغرس هذا الشعور في أطفالها إناثاً وذكوراً؛ ويرتقي هذا الوعي من النظرية إلى التجذُّر في شعور النشء إذا رأى بأم عينه أن الوطن يحمي ليس فقط حدود الأرض من الغزاة، بل حقوق كل فرد في المواطنة, فيساويهم في الفرص ويضمن لكل منهم الرعاية الصحية والمادية والتعلُّم والتدريب والعمل لبناء نفسه وتكوين أسرة, ويؤمَّن له القدرة على حماية أمنها داخل نسيج المجتمع.
الوطن يمر بمرحلة ضغوط سياسية وأمنية واقتصادية بدأ يشعر بها الأفراد مادياً وعاطفياً وستزيد الحاجة لمشاركة المرأة في تحمُّل المسؤولية.
تفعيل المرأة بالتدريب وإتاحة الفرص والدعم الرسمي قانونياً وأمنياً ليس ترفاً ولا شعاراً للتجميل, بل ضرورة مصيرية فهن نصف المجتمع الذي يؤمن استقرار الوطن.