ناصر الصِرامي
الحقيقة الساطعة أن جماعات الإسلام السياسي بكل أنواعها هي العدو الأول للدولة الوطنية، وليس الإسلام نفسه، فالدولة الوطنية تكشف ضعفاً هامشاً وهشاشة وفشل جماعات الإسلام السياسي وفكرها، مهما بلغ العنف الذي تستخدمه للوصول إلى مآربها.
العداء للدولة الوطنية، له أهداف حزبية مقيتة، وجدت ذلك مبكراً، وذكرت في أكثر من مرة قصة الأستاذ الذي أسندت له خلال المرحلة الثانوية في التسعينات تدريس مادة «التربية الوطنية»، التي كانت قد دخلت للتو لمناهجنا، وذلك في أعقاب حرب تحرير الكويت..
حاول مدرسنا الذي يدير في نفس الوقت جمعية «التوعية الإسلامية»، -كنشاط غير منهجي، لكنه نشاط معتبر في حينها، ويؤدي إلى نجاح ودرجات وعلاقات، وغض البصر عن الغياب، كما يفتح أبواب المشاركة في أي نشاط خارج المدرسة-، حاول ذلك الأستاذ في أول يوم أن يربط الوطن بعصور الإسلام الأولى!
حاول وحاول... لكنه في النهاية تراجع... ليخبرنا صراحة في درس تالي، أن الوطن ليس إلا «حفنة من تراب في جغرافيا العالم!»، بالنسبة لنا كان المهم أن نتجاوز المرحلة الدراسية المحكومة بتيارات مختلفة معلنة وخفية، لم نكن نستوعبها حينها!.
كان أستاذ آخر في المرحلة الجامعية بعدها بسنتين تقريباً يردد أن «الإسلام هو الحل»، ويحاول إسلامه كل نظريات الإعلام والصحافة ومناهجها.. لم نكن حينها قد «فطنا» إلى أنه شعار لحزب سياسي بغطاء ديني، إلا أن قصة الشعار أصبحت معروفة اليوم، حيث لا تعدو كونها استغلالاً واستثماراً عاطفياً دون أجندة أو برنامج عمل، أو خطط بأهداف اقتصادية وسياسية وعلمية ....إلخ، وبالتالي بقيت «الدولة الوطنية» عدواً لشعارهم، وعصية على نسف جغرافيا الأرض كما نعرفها..!
لذا عندما بدأ الإرهاب يضرب وطننا، ومن قبل شبابنا، وهم منا وفينا، وشركاؤنا المفترضين في الوطن ومستقبله، عندما انطلق وحش الإرهاب يقتل ويفجر ويدمر ويهدد فهو يفعل ذلك «كفراً بالدولة الوطنية، ورفضاً مطلقاً للحدود الجغرافية السياسية، على أمل إعادة فكرة لم تكن أبداً ناضجة ومكتملة أصلاً «الخلافة»... ووجود أمير واحد لكل مؤمني العالم دون أي اعتراف أو احترام للسلطات المختلفة، والدول والبلدان، ولذا تجدهم أول ما يقومون به متى ما استقروا في منطقة صراع (منذ حرب أفغانستان إلى العراق وسوريا اليوم) تجد أول فعل لهم يتمثل في تمزيق الهوية الوطنية والجواز الوطني... إعلان واضح بالكفر بكل الدول والأوطان!