«الجزيرة» - أحمد المغلوث:
لم تكن من عادته أن يصيخ السمع لمن يجلس إلى جواره خصوصا إذا كان المكان مشتركا وعاما .لكنه هذه المرة راح يسمع حديثهما، سيدتان خليجيتان كانتا تجلسان في المقعد الذي أمامه في الطائرة المتجهة من الدوحة إلى نيويورك، والحق أن ما دار بينهما من حديث كان جديرا بأن يسجل ويبث مباشرة على الهواء، فكلاهما على قدر كبير من الثقافة والحصافة وحتى من حسن الطرح، وخوفا من أن تتهمانه «باللقافة» أو الحشرية لدخل معهما في الحديث، لكنه آثر السلامة واكتفى بالاستماع فقط لاغير لكنه، سجل في مفكرته الصغيرة أهم النقاط التي دار فيه حديثهما.. فرأيت اليوم أن أطرحه كموضوع هذه «الإطلالة « قالت الأولى ولأسميها أم ناصر: لاشك أن الزواج من أجنبيات في مجتمع الخليج والعالم العربي بات ظاهرة معاشة ولاشك أنه أيضا مسألة شخصية بالدرجة الأولى وكل الأنظمة والقوانين سواء كانت دينية أو وضعية تركت الحرية للرجل والمرأة في اختيار ما يناسبه أكان زوجا أم زوجة، ولكن عندما يكون الزواج خطرا قد يهدد المجتمع فأتصور وجود شروط أو إجراءات تحد من هذه الظاهرة بات أمرا مطلوبا، لقد تضاعفت ظاهرة زواج الشباب وحتى الكبار من أجنبيات، بصورة لافتة ألا تلاحظين ذلك؟ فرد عليها المرأة الثانية ولأسميها أم سيف: كلامك صحيح وليس مجتمعنا الذي بات يعاني من هذه الظاهرة وإنما مختلف المجتمعات في عالمنا العربي وحتى الإسلامي، وهذه سنة الحياة ولا تنسين الآية الكريمة التي تقول {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ} الآية، وأضافت لا تنسين أن التطور والانفتاح والسفر والدراسة خارج الوطن وحتى وسائل التواصل الاجتماعي، كل هذه الاشياء ساهمت في التعارف بين الشباب والفتيات العربيات والأجنبيات مما أتاح لهم فرصة التقارب وحتى التفاهم ومن ثم الزواج، رغم وجود عوائق ومنع ولكن كما يحدث في الشقيقة الكبرى المملكة لابد من وجود ترخيص، وهذا يتطلب إجراءات معينة ساهمت بصراحة في الحد من الزواج، ومع هذا هناك من يركض وراء تحقيق رغبته بشتى الوسائل والطرق؟! ثم استطردت المشكلة هنا في زواج الكبار أو كما يقال عنهم «العواجيز». فبعضهم سبب مشاكل لأسرهم فكم رجل تزوج من فتاة صغيرة ليجدد بها شبابه وليحظى بالاستمتاع المشروع بقية حياته لكن اأعمار بيد الله ما هي إلا سنوات ويرحل لرحمة الله تاركا هذه الزوجة لتشارك الأبناء في الميراث؟!
فردت عليها أم ناصر: كلامك صحيح زواج الكبار مشكلة كبرى لكن من حقهم الشرعي الزواج أفضل من الاتجاه للحصول على المتعة الحرام أو الزواج العرفي والذي انتشر أيضا في بعض مجتمعاتنا العربية، والتي تعاني من ظروف اقتصادية وحياتية مختلفة وصعبة، كان الله في العون، ولكن ما الحل في نظرك أخت أم سيف للقضاء على هذه الظاهرة؟ فردت: أنا اتصور الأفضل أن لا نمنع الكبار من الزواج من نساء الوطن، فمن الأفضل أن تتاح لهم الفرصة للزواج من مجتمعهم فهناك وكما تعرفين فتيات تجاوزن الـ35 من العمر يعني على وشك الدخول في هذه المرحلة العمرية التي هناك من يهرب بعض الشباب من الزواج منها وبالتالي تكون في العادة مناسبة لمن تجاوز مرحلة الشباب، هذا شيء وشيء آخر هو أن زواج المواطن كبير السن بالمواطنة فيكون خيره بعد عمر طويل لبنت وطنه، يعني سوف ترثه عند ما يختاره الله ويرحل مثل غيره فتتحقق مقولة المثل (دهننا في هريسنا)؟!
فقاطعتها أم ناصر قائلة: صح لسانك، ياليت قومي يفهمون ويعون ذلك. كم من كبار في السن تزوجوا من آسيويات وبعضهن لأسف غير مسلمات يعني هناك اختلاف في الدين مما يؤثر على مستقبل الأبناء، وكما تعلمين أكبر خطر لمثل هذه الزوجات يتحمله الأبناء في المستقبل، كان الله في العون..؟!