صيغة الشمري
في السنوات الأخيرة بدأت تظهر عندنا تصاريح يصعب تفسيرها أو فهمها، تصاريح متنوعة بين المثير للغرابة والمثير للضحك والمثير للشفقة. بعض هذه التصاريح تدل دلالة قاطعة على أن صاحبها يعيش في كوكب آخر غير كوكبنا، ولا يعرف عن الوضع في بلادنا شيئًا. وسائل التواصل الاجتماعي بدأت بتعرية وكشف جهل الكثير من أصحاب التصاريح غير المدروسة، وكأن صاحب التصريح لا يعرف أن الأمور تغيَّرت في أنحاء المعمورة كلها، ولم يعد الشخص قادرًا على قول ما يشاء دون تخطيط أو دراسة، كأنه لا يعرف أن أجهزة الهاتف النقال تصوِّر كل شيء بالصوت والصورة، وتجعله في دقائق معدودة يصل لكل مكان بحيث يصعب احتواؤه، أو تصحيحه، أو حتى التخفيف من آثاره السلبية، وبالذات على صاحب التصريح. يطلق بعضهم التصريح بعقلية قديمة، لا يقيم لردة فعل ما يقوله للناس معتقدًا بأن الوضع كالسابق، يمكن مداراته أو تجاوزه. لا يعرف بعض أصحاب التصاريح غير المدروسة أنه ليس كل ما يُعرف يُقال، وأن هناك شعرة معاوية بين الشفافية وإحباط الناس، أو عدم احترام عقولهم، مثل شفافية محافظ الهيئة العامة للمنشآت الصغيرة والمتوسطة الدكتور غسان السليمان التي وزع بها الإحباط في كل مكان وهو يتحدث خلال لقاء مفتوح، جمعه مع رجال أعمال، الذي وصف مهمته بنقل صوت أصحاب المنشآت الصغيرة والمتوسطة إلى متخذي القرار، لكنه فاجأهم قبل أن يستبشروا خيرًا بأن التستر مشكلة كبيرة، وفشلت محاربته منذ 50 عامًا. ثم فاجأهم مرة أخرى عند مطالبته بمراجعة الرسوم والضرائب على المنشآت الصغيرة والمتوسطة، بقوله: «لا أستطيع أن أعمل شيئًا غير أن أمثلكم». مثل هذه التصاريح تستحق أن ترسل للمسؤولين عن كتاب (جينيس)، كنوع جديد من أنواع الشفافية يُخترع لأول مرة في العالم؛ لأن مسؤولاً عن هيئة ينتظر منه الكثير يظهر ويقول للذين ينتظرون منه الحلول إنه لا يستطيع أن يفعل شيئًا، وإن دوره مجرد ناقل. الشيء الغريب أن صاحب هذا التصريح في غنى عنه، وخصوصًا أنه عُرف بإخلاصه واجتهاده وقدرته على تغيير الكثير، وليس بحاجة لندوة أو محاضرة لإبراز عمله ونجاحاته!