لبنى الخميس
يقول المثل: مكانك بعد 5 سنوات يحدده شيئان: الكتب التي تقرأها، والأشخاص الذين تجالسهم، وأضيف التجارب التي تتعلم منها.
عام 2016 حمل لي الكثير من المفاجآت الرائعة.. والدروس القيِّمة..والتجارب التي لم أتوقع إيجابية وجمال نتائجها كأول تجربة عمل لي في مكتب وزيرة السعادة، حضور وتغطية فعاليات القمة العالمية للحكومات، زيارة جامعة ستانفورد وبيركلي والسيليكون لأول مرة، وقراءة عشرات الكتب الثرية.
وفي كل عام يزداد يقيني بأنّ الأيام التي تمضي في سنواتنا ليست أرقاماً جامدة.. بل تجارب وعبر ودروس تشكل وعينا.. تصقل قناعاتنا.. تفرز أحلامنا.. وتقربنا أكثر مما نريد أن نحققه أو نكونه.. أو العكس!
عبر هذا المقال أشارككم دروساً تعلمتها في 2016
1 - العزلة وليس الوحدة..
الكثير يخلط بين مفهوم الوحدة والعزلة.. فالوحدة غالباً مرتبطة بأحاسيس سلبية.. أما العزلة فهي قرار اختياري وواع لوقت تريد أن تقضيه مع نفسك. فقد وُلدنا في مجتمعات جماعية تؤمن بأننا يجب أن نفرح ونحزن، ننجح ونفشل مع الجماعة، وتجاهلنا أهمية قضاء الفرد وقت مع نفسه، في التأمل أو القراءة أو الكتابة، ولو ساعة واحدة في اليوم، لما لها من نتائج إيجابية تعيد تواصلكم مع ذاتكم وسط ضجيج الناس والالتزامات الاجتماعية.
2 - استمع لصوت قلبك.. ولو خالفك عقلك!
أيضاً من الأمور التي برمجنا عليها بأن نتوجّس من حديث القلب لما يمنحه من مؤشرات مخادعة ومراوغة.. بعكس العقل المنطقي والمحنك والرزين. لكن اسأل نفسك كم مرة اتخذت قراراً وأقبلت على تجربة وفي صوت داخلي عميق كان يقولك العكس، صوت القلب ليس عاطفياً وساذجاً لذلك يقول الحديث: (استفتِ قلبك ولو أفتاك الناس).
هذا العام حاول أن تستمع لصوت قلبك في كثير من شؤون حياتك، ولكن امنحه وقته حتى يشكل قراره ويوضح أحاسيسه ولا تقلل من قيمة دقة صوته.
3 - اختر من تتابع بعناية على مواقع التواصل!
اختر من تتابع على مواقع التواصل للاجتماعي بعناية! لأنّ عاداته سوف تصبح عاداتك.. أفكاره سوف تنتقل من سلة عقله إلى سلة عقلك، ستألف أبناءه.. وتشتاق لقهوته.. وتدمن صوته.. ستعشق أسلوبه في السفر.. وتتقن زاوية تصويره من بين العشرات ممن تتابعهم.. سيدخل بيتك كل يوم.. ويداعب فكرك وعقلك.. فاختر ضيوفك بعناية واحترم ذكاء وعيك ولا وعيك.. باختيار أصدقائك الافتراضيين.. ولكل الآباء والأمهات: هواتف أبنائكم صناديق مغلقة في داخلها أدوات عظيمة التأثير وبالغة النفوذ ساعدوهم على انتقاء الأفضل.
4 - اقتل المفكِّر لتحيا الفكرة..
كم فكرة رافقتكم لسنوات طويلة.. وكانت 2016 محطة جديدة معطلة لم تطلقوا فيها أفكاركم.. على أمل تعدلونها وتطورونها وتطلقونها في الوقت المناسب؟!
الوقت المناسب هو وهم اخترعناه لتأجيل أحلامنا.. وتأخير تحقيق أهدافنا.. كل الأوقات مناسبة لو أردنا ذلك! طبعاً عدا الظروف القاهرة جداً.
أحياناً يجب أن تقتل المفكر الدكتاتور في داخلك الذي يؤخر كل مشروع جميل تحت ذريعة التطوير وحجة الوقت المناسب، لتحيا الفكرة وتجد مكانها في هذا العالم!
في 2017 أطلق كل الأفكار والمشاريع التي ظلت مهملة في الدرج رغم أنها تستحق أن ترى النور.. وامنح الفرصة لأفكارك أن تتنفس!
5 - بناء شخصية عظيمة يتطلب وقتاً!
الشخصيات العظيمة ليست مناصب رفيعة.. وأرصدة فلكية.. وسير ذاتية مذهلة.. بل كل شخص وجد رسالته في الحياة وملك الجرأة والإقدام أن يحققها، هؤلاء الشخصيات الذين قضيت عام 2016 أقرأ سير الكثير منهم مثل: الملك فيصل بن عبد العزيز، اريانا هفينتغتون، الوزير النعيمي لم يولدوا عظماء.. بل مروا بالعديد من الضغوطات النفسية، وعانوا من تحديات سحقت ثقتهم بأنفسهم، وواجهوا أعداء هاجموهم بشراسة. قد لا نرى كل ذلك في ظل انشغالنا بضوضاء إنجازاتهم وانحيازنا للحظات نجاحهم.. لكنهم حتماً عرفوا الألم وذاقوا الفشل وتجرعوا مرارة الإحباط.