فهد بن جليد
العالِمُون ببواطنِ الأمور يدركون أنّ السوق الإعلاني العالمي يُعاني من انكماش ملحوظ، يتناسب طردياً مع الدورة الاقتصادية التي نمرُّ بها، مما جعل وسائل الإعلام التقليدية (التلفزيون، الإذاعات، الصحف الورقية) أكثر من يعاني اليوم من هذا الانخفاض الإعلاني، والذي يُقدَّر بأقل (مرتين إلى ثلاث مرات) عن ما كانت تحصل عليه سابقاً، فهل نُطالب بإيقاف التلفزيونات وتوقف القنوات الفضائية والإذاعية لأن إعلاناتها انخفضت، أم أنَّ القطاع الإعلاني برُّمته يمرُّ بأزمة؟!.
هنا استغرب ربط الأمر بتأثير وظهور وسائل التواصل الاجتماعي الحديثة، التي ما من شك أنّها أصبحت أسلوباً عصرياً جديداً ورخيصاً، كخيار يناسب بعض المُعلنين، مِمَّا يوجب قراءة المشهد من قبل (الزملاء الإعلاميين) أولاً بالشكل الصحيح، ومن ثم يجب إدراك المُتلقي (لحقيقة المسألة) خصوصاً مع سماع أصوات نشاز - غير عادلة ومُتسرِّعة - تُطالب بإيقاف صدور (النسخ الورقية) من الصحافة السعودية، أسوة بما يحدث في بعض الصحف الأجنبية والعربية (وسيأتي تفصيله وأسبابه الحقيقية) لاحقاً.
ما تجنيه وسائط التواصل الاجتماعي من سوق الإعلان يجب قياسه من (الصفر) كونها لم تكن رقماً مؤثراً في السوق سابقاً، بمعنى أن أي نسبة أو مبالغ تحصل عليها هذه الوسائط الآن من سوق الإعلان يُحسب كمكاسب أولية، ويدخل في خانة الأرباح، لأنه لا توجد قاعدة أو تجربة سابقة يمكن الرُّكون إليها لقياس المسألة وفائدة لها دون أن تكون مؤهلة للدخول في منافسة حقيقية مع وسائل عريقة ظلت سنوات طويلة هي (اللاعب الأوحد) في سوق الإعلان، لذا يبدو الاعتقاد السائد بأن وسائل الإعلام التقليدية تخسر مقابل أرباح وسائل التواصل الاجتماعي والإعلام الجديد (حقيقة عوجاء)، كون المقارنة ظالمة بين وسيلة ناشئة يجب أن تمر بدورة اقتصادية كاملة حتى يتم تقييم قدرتها وتأثيرها ومدى صمودها ومستوى الانخفاض الذي قد تتعرض له، وبين وسائل تقليدية تتعامل بمرونة مع أزمات اقتصادية خانقة مرَّ بها السوق مرات عدة من قبل؟!
غداً نتعرَّف على تجربة (نيويورك تايمز) وهل الإعلان الرقمي بديل؟! وعلى دروب الخير نلتقي.