مها محمد الشريف
يشكل الإرهاب ظاهرة خطيرة في العقود الأخيرة، له تأثير بالغ الأهمية على العالم أجمع، وعلى منطقة الشرق الأوسط بالتحديد. وذلك ضمن حقائق لا تقبل الشك غامضة ومعقدة تحمل تساؤلات كبيرة، يقف خلفها جماعات ومنظمات تستهدف المدنيين من أجل الوصول إلى مكاسب سياسية. حيث اتهمت منظمة العفو الدولية، في تقرير نشر عن، «الحشد الشعبي»، بارتكاب جرائم حرب، وتعذيب واختطاف الآلاف من البشر، وارتكاب انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان وانتهاكات للقانون الدولي الإِنساني، بما في ذلك جرائم حرب، كما نقلت عنها وكالة الصحافة الفرنسية.
من هنا ارتبط مفهوم الإرهاب بالدين والدولة لتحجيم السلطة السياسية وإثارة الصراعات الداخلية، وبالنظر إلى مضمون العمليات الإرهابية الأخيرة، لا تكاد تتبين أنها تحيل إلى انتقام وحقد من أطراف خارجية، إلا وتظهر لك علامات وإشارات أخرى تدين عناصر من الداخل. كونها تدل على ملابسات تتحدث فور وقوعها، وتمثل مأزقًا جديدًا للدولة والناس، تتسع مساحة الجدل فيه.
أحيانًا يخيل إلينا من خلال الواقع المؤلم والحوادث المأساوية مصادرة بعض الآراء والحلول المؤقتة حتى يتسنى تنفيذ التدابير، فقد تعاظمت حوادث الإرهاب في العراق وتركيا، أما نتيجة حربها على داعش في سورية أو على حزب العمال الكردستاني، وانعكاسات الحربين على الأمن الداخلي.
نستنتج إذن، أن اغتيال السفير الروسي أندريه كارلوف كان ضمن سلسلة مترابطة من التخطيط الإرهابي المنظم الذي يستهدف زعزعة أمن تركيا انتهت بحادثة أخرى مرعبة ليلة رأس السنة في ملهى ومطعم بإسطنبول.
والقول يتأطر هنا ضمن حادثة اغتيال السفير، وهي ليست الأولى من نوعها التي ترصدها الكاميرات. إِذ سبقتها عدة حالات مشابهة من عمليات الاغتيال التي عاصرتها الشعوب والحكومات على الشاشات وتم نشرها في أخبار عاجلة على صفحات الصحف.
هناك ما يزيد عن ستة رؤساء اغتيلوا في الميادين المحتشدة بالناس وأمام الكاميرات، اغتيال جون كينيدي، إسحق رابين، محمد بوضياف، أنور السادات، انديرا غاندي، بنظير بوتو، أندريه كارلوف. الحديث عنهم يطول وسنختصره لتوضيح الهدف الحقيقي من ذكر هذه الاغتيالات بالدرجة الأولى، وكيف وصل الأمر إلى هذا الحد من الإرهاب؟
وفي قلب النقاشات المحتدمة بين الناس ظهرت تباينات بالآراء والأقوال حول قتل السفير الروسي، نتيجة العوامل المسيطرة، وحرب إبادة ذهب ضحيتها مئات الآلاف من المدنيين بحجة الحرب على الإرهاب، فمنهم من أدان اغتيال السفير الروسي ومنهم من حوله إلى ثأر لقتلى حلب فأصبح القسمين بعضهما وفقًا للحاجة السياسية والقسم الآخر يراه استحقاقًا لتحقيق المساواة في المعاناة. رافق هذا الانقسام تخوف من ردة فعل روسيا وما يترتب عليها من تبعات.
فكل الجهات الرسمية أدانت الأعمال الإرهابية على الأراضي التركية، وجرمت العمل الإرهابي ووصفته بأنه منافٍ للأديان والأخلاق، وعلى نفس المنوال تكرر الحادث الإجرامي الذي أعلن عنه عمدة إسطنبول: «أن هجومًا إرهابيًا على ملهى ليلي في المدينة في ساعة مبكرة من الاحتفالات بالعام الجديد، الأحد، أسفر، في حصيلة أولية، عن سقوط 35 قتيلاً و40 جريحًا».
لذا نقول، الحرب مهلكة ومدمرة والسلام المشروط بعدة تنازلات، لا يلبث أن ينتهي، أليس هناك حلول أخرى واحتمال ثالث بديل يبطل الحرب ويعزز السلام؟
أم أن هناك حقائق كبرى غفل المجتمع الدولي عنها، أخطر من مفهوم الإرهاب، هي تلك الجمعيات السرية، أقل ما يُقال عنها: حكومة خفية تدير دفَّة الحرب والسلام في العالم، لها علاقة وثيقة بالأحداث السياسية والاغتيالات، ترتبط بالجهات الأكثر شراسة ولها أيضًا نفوذ وتسلط في التاريخ الماضي والمعـاصر، عملها الأهم الوصول إلى الغايات مهما كلف الأمر، وهذا استقراء يدل عليه حال الشرق الأوسط الآن وما لحقه من جراء هذه الجمعيات والمنظمات من أذى كبير.