جاسر عبدالعزيز الجاسر
لم تعد الحروب بين الدول تقتصر على المعارك العسكرية واستعمال الأسلحة والطائرات والصواريخ ولم يقتصر الأمر على تفعيل الإعلام في مثل هذه المعارك، بل أضيفت أصناف أخرى لا يقل تأثيرها على المعارك العسكرية المباشرة، فقد أضيفت إلى حروب الإعلام حرب الشائعات التي تعمل على تثبيط الهمم وإحداث شرخ في المجتمع من خلال تقسيمه إلى عدة معسكرات، أما أخطر الحروب التي أدخلت لميدان المواجهات فهي حرب إغراق الدول ومجتمعاتها بالمخدرات بكافة أشكالها واستهداف شبابها من خلال تسهيل حصولهم على المخدرات والمسكرات لتدمير القوة الفاعلة في المجتمع المستهدف وقد وجد أن تفعيل سلاح المخدرات أكثر تأثيرًا من باقي الأسلحة الأخرى حتى إنه يفوق باقي الأسلحة الأخرى بما فيها المعارك العسكرية.
في حرب إغراق الدول بالمخدرات مثل كل الحروب الأخرى توضع الخطط والاستراتيجيات لاستهداف الدول والمجتمعات التي يراد إضعافها ويقف وراء ذلك دول وأنظمة، إضافة هذا السلاح مع ما تقوم به من نشر الإرهاب ورعاية الميليشيات الإجرامية الطائفية. ففي لقاء عقده الاستاذ عبد الإله بن محمد الشريف الأمين العام للجنة الوطنية لمكافحة المخدرات ومساعد مدير عام مكافحة المخدرات في المملكة والخبير الدولي للأمم المتحدة، مع أسرة تحرير الجزيرة لدى زيارته لمقر الجزيرة كشف الوسائل والطرق التي تقوم بها المنظمات الإرهابية التي تدعمها وتحولها الأنظمة المارقة التي تسعى إلى إضعاف الدول العربية والإسلامية المؤثرة والمحورية في المنطقة والعالم، إِذ تتصدر الميليشيات الطائفية الإرهابية التي أنشأها النظام الإيراني ويرعى أعمالها بالمال والسلاح وعلى رأسها حزب حسن نصر الله «حزب الله» الذي أقام العديد من المصانع في جنوب لبنان وسوريا متخصصة لتصنيع المواد المخدرة الكيماوية من أصناف الكبتاجون وتصنيع الكوكايين والحشيش الذي يزرع في حقول في مناطق بعلبك وجنوب لبنان تحت رعاية ميليشيات الحزب وحراسه.
الخبير الدولي الاستاذ عبد الإله الشريف أوضح للزملاء في «الجزيرة» أن معظم إن لم يكن جميع ما تنتجه مصانع ميليشيات ملالي إيران في لبنان وسوريا مخصص إلى المملكة العربية السعودية ودول الخليج العربية، إضافة إلى توجيهه إلى دول يراد إضعافها للهيمنة الصفوية، وقد تمكنت الأجهزة المختصة في المملكة من معرفة معظم المصانع التي أقيمت لتصنيع المخدرات ومصادرها سواء في تركيا أو في سوريا أو في لبنان وتم تقديم معلومات دقيقة للسلطات التركية واللبنانية والسودانية وتم بعد ذلك ضبط ثماني مصانع كانت جميعها مخصصة لإرسال المخدرات إلى المملكة، وكانت استجابة السلطات الأمنية التركية والأشقاء في السودان وحتى لبنان جيدة ورائعة وعلى الرغم من خروج بعض المناطق اللبنانية عن سيطرة الدولة اللبنانية وخصوصًا في جنوب لبنان وبعلبك إلا أن كل ما يخرج من مصانع ميليشيات ملالي إيران سواء المقامة في لبنان أو في سوريا يتم تتبعه والأجهزة المختصة في المملكة تعرف إلى أي جهة يتم إرسال ما ينتجه لتدمير عقول الشباب العربي وخصوصًا في السعودية ودول الخليج، سواء عبر الطرق والمسالك التقليدية عبر سوريا أو لبنان أو عبر عصابات الحوثيين الذين وظفهم ملالي إيران وميليشيات حسن نصر الله لتهريب مخدر الحشيش إلى المملكة عبر الحدود اليمنية إِذ تم إجهاض 114 طنًا خلال السنوات الثلاث الماضية، كما أن الأجهزة المختصة وبتعاون أجهزة مكافحة المخدرات والجمارك تم ضبط أكثر من 270 مليون قرص كبتاجون مرسلة من مصانع حزب الله في لبنان وسوريا وهدفها النهائي المملكة العربية السعودية لتدمير عقول شباب المملكة والنيل من قواها الشابة عماد الوطن.
وهكذا يوظف ملالي إيران وعملاؤهم في لبنان وسوريا والعراق واليمن الإرهاب والمخدرات والشحن الطائفي لتدمير مقومات الأمة مستنسخين تجاربهم التي نفذوها في العراق التي تعرض شبابها إلى حملات إغراق للمجتمع بالمخدرات مثلما كشف من أكثر من جهة عراقية.
وهدف ملالي إيران وعملاؤهم أن يلحقوا المملكة ودول الخليج العربية بولاياتهم الطائفية مثلما فعلوا في لبنان والعراق وسوريا مستغلين أحقر الوسائل وأبشعها من حروب الإرهاب والمخدرات.