فهد بن أحمد الصالح
أحسنت الجهات المعنية عندما منعت الأندية من تسجيل لاعبين جدد محليين أو دوليين هواة أو محترفين قبل أن تُنهي جميع الأندية ملف الديون المتراكمة التي يتساءل عنها المعنيون بالمشهد الرياضي وكيف تراكمت وهل هي حقيقية أو أنها وسيلة لجذب تبرعات لمراحل قادمة من منافسات النادي أوصورة لاستدرار عطف أعضاء الشرف بمساندة ودعم مسيرة ناديهم وجلب أعضاء جدد، ويتساءل كل الرياضين عمن تقع عليه مسؤولية الديون، وكيف يتم علاجها وإيقاف نزيفها المؤلم، لأن الحال ستكون أسوأ في حال البدء بالاقتراض من البنوك وشركات التمويل التي لا تقرض إلا بضوابط دقيقة ومستندات مستوفية ورهون كافية لسداد القرض وأخذ أشد درجات الحذر وأقل درجات المخاطرة في عدم التزام النادي بعقد السداد مع ضمانة الهيئة الرياضية والاتحادات واللجان المعنية التي تأخذ بعين الاعتبار أسباب القرض ومدة سداده والضمانات المقدمة للوفاء به.
تلك المقدمة لا خلاف عليها في الظاهر ولكن ربما أن باطن الأمر ليس كظاهره، فالأرقام المعلنة لا تتضمن الكثير من الديون المحلية بعد ان نشرت على الصفحات الرياضية وبالأرقام والنسب ولمن تلك المتأخرات والجهات المُطالبة بها، ولكن ما ظنكم بشاب سعودي له متأخرات لدى احد اندية العاصمة تتجاوز 18 شهراً وراتبه لا تتجاوز 5000 ريال مما أثر على معيشته وأسلوب حياته وهو يسير بسيارته الخاصة من أقصى العاصمة إلى أقصاها الآخر وإدارة النادي تتعذر بعدم وجود مبالغ مالية في خزينتها وهي التي تدفع للاعبين الملايين وتبيع عقود آخرين بعشرات الملايين، وآخر مثله تقدم بشكوى على ناد آخر بعد أن تجاوزت مؤخرات رواتبه 24 شهراً ويقارب راتب السابق ويشابهه في المسألة وفي بعد مشوار النادي لأن منزله في اتجاه آخر مقابل لاتجاه ناديه وتتجاوز المسافة 100 كيلو ذهاباً وإياباً في سيارته الخاصة فلمن يشكون أمرهم كإداريين وقد اعتذرت لهم لجنة فض المنازعات لأنهم ليسوا لاعبين وهم خارج اختصاصها.
هذا بالإضافة إلى مستحقات وكلاء اللاعبين الذين يتقاضون في السابق 10% من عقد اللاعب وفق عقد مستقل وتسدد النسبة من النادي للوكيل وتراكمت الآن بالملايين على الأندية دون سدادها بالرغم من التفاوت في بعض النسب أو في سرعة السداد حسب العلاقة بالرئيس فلربما كان الوكيل شقيقه أو صديقه، والآن تحول الأمر وبصورة مختلفة وألزم الوكيل أن يأخذ حصته وبما لا يتجاوز 3 % من قيمة العقد من اللاعب مباشرة إلا أن تكرم النادي ودفعها له، ولم يتغير الحال او يتبدل للأفضل لطرفي العلاقة لأن اللاعب لم يأخذ حقه من النادي والوكيل خسر 7 % من العقد ولم يسلم من المماطلة، فلمن يشكون أمرهم ليأخذوا حقوقهم بدلاً من التفاوض والتنازل ببعض الحقوق للظفر ببعضها الآخر سواء للاعبين أو الوكلاء او حتى الموظفين الذين يبحثون على زيادة مدخولهم ليواكبوا قفزات التضخم وتكاليف المعيشة المختلفة التي أصبحت تثقل كاهل القادر فكيف بمحدود الدخل.
وأمر لا يقل استفهاما عما سبق وهو ان فترة الستة أشهر الأخيرة من عقد اللاعب تعتبر فترة حرة له للاتفاق والتعاقد مع من يراه من الاندية التي تتفاوض معه، ولذا يصاب رؤساء الأندية بسعار محموم للتجديد مع لاعبيهم أو الفوز بلاعبين من الأندية الأخرى وبعضها لقطع الطريق عن منافس آخر، ولذا تجد عقود لاعبين على دكة الاحتياط بعشرات الملايين وعقود لاعبين مصابين بعيادة العلاج الطبيعي بعشرات الملايين في ظل أن القرار الأوحد في أنديتنا الكبيرة لرئيس النادي والبقية يرددون (الرأي ما تراه) وقد يتغير الرئيس ليقع البديل في الفخ ولا يعرف كيف الخلاص منه، وتعود الأندية إلى استرحام أعضاء الشرف لسداد المستحقات التي تورط النادي فيها والتزم بسدادها، وقد تكون بعض التعاقدات دون موافقة المدربين أو الجهاز الفني، وعندها فلا مجال للاعب إلا الراحة أو المقايضة أو الاعتزال ويبقى جزء من مستحقاته معلقاً حتى يأذن الله بفرج من عنده وهذا غير المبالغة في العقود في الأصل.
ختاماً، هل نحن بهذه الصورة مستعدون لبرنامج الخصخصة وتحويل الأندية إلى أندية منافسة وأندية ممارسة أو أن الواقع غداً سيجعل إدارة الملف الرياضي مختلفة، لأن الإدارة ستكون على أساس حساب أرباح وخسائر وسيكون هناك جمعيات عمومية من يملك فيها عشرة أسهم يستطيع ان يقول للرئيس إنه غير موفق في تعاقداته، والقرار غداً سيكون لمجلس الإدارة وليس للرئيس والقرارات ستكون بالأغلبية والبعض بالإجماع حسب السياسة واللائحة التي ستحكم وضع النادي بعد تخصيصه، كذلك فإن الموظف الصغير غداً سيكون له جهة يتظلم اليها ومجلس يستطيع ان يوصل صوته له، وسيكون حال الأندية مكشوفاً مثلما هي الشركات اليوم في سوق الأسهم وتحت متابعة هيئة سوق المال، وحتى يتم ذلك فإن اللجان المعنية مطالبة في تصحيح وضع ديون الأندية وضمان حقوق أهل الحقوق، فالكل مطالب بتطبيق الحديث الشريف عن نبينا محمد عليه الصلاة والسلام: (أعطوا الأجير أجره قبل أن يجف عرقه).