يوسف المحيميد
ليس أسوأ، ولا أقل مروءة وإنسانية، من أن تصفِّق لقاتل، وتشمت بالقتيل، وتطلق سيل الشتائم عليه، بل وتحتفل بمقتله، سواء من خلال وسائل التواصل الاجتماعي، أو في حوارات المجموعات في برامج الواتساب وغيرها، فما قام به أشخاص كثر من التشفي بمقتل الأبرياء في المطعم التركي ليلة رأس السنة، إنما يعني الوقوف جنبًا إلى جنب مع القاتل، ومع آلة الإرهاب الغادرة، ودعمها، بل قد تخفي أذهان هؤلاء تطرفًا مؤجلاً، قد يندلع يومًا ما في أي شكل تحريضي وإرهابي متجاوز!
منذ تابعت ردود الأفعال على مقتل السعوديين في المطعم التركي، وسؤال صغير ومعقد يدور في خلدي، لماذا يحتفل هؤلاء بموت إنسان بريء؟ ما الذي يجعلهم يرقصون فرحًا على الجثث؟ وهل هم يعتبرون هؤلاء أبرياء، أم يعتبرونهم مذنبين؟ ما الذنب الذي يقترفه إنسان يذهب للعشاء في مطعم؟ هل لأنه في ليلة رأس السنة؟ أم أن هؤلاء، وكما يروجون في تعاليمهم، يعتبرون السفر إلى الخارج من غير سبب هو مخالفة للدين؟ حيث التبرير الوحيد للسفر عند هؤلاء هو أن يسافر المرء للعلاج أو للعلم الذي لا يتوفر في الداخل!
إن من المخزي أن يحتفل أو يتشفى هؤلاء برحيل فتاة سعودية، وغيرها من الأبرياء في مطعم تركي، فمن يرى صورة الأب المكلوم عند استقبال جثمان ابنته الشهيدة، يشعر بالحسرة أن تمتلئ قلوبهم إلى هذا الحد بالحقد والكراهية، فما الذي أوصل المجتمع إلى هذا الحد من الشحناء تجاه أشخاص لا يعرفونهم؟ فقط لأنهم سافروا إلى الخارج، بحثًا عن الراحة والاستجمام!
من يتصفح وسائل التواصل الاجتماعي يكتشف كمَّ السواد والقبح الذي يتسلح به الإنسان، وتملأه الحيرة والتساؤل لِم? يفعل ذلك؟ هل هذا التشفي يمنحهم السعادة مثلاً هل هذه العبارات من الشماتة والشتائم تجعلهم أكثر راحة؟ هل يعاني هؤلاء من الفشل الذريع في حياتهم، مما يجعلهم يصبون غضبهم وقذاراتهم على الآخرين؟ وما ذنب هؤلاء المكلومين، الذين هم بحاجة إلى العزاء والصبر والسلوان؟
أعتقد أن ترك هؤلاء الشامتين يصولون ويجولون في عالم التواصل الاجتماعي، حاملين سيوف الحقد والبغضاء والشتائم، دونما ردع وعقوبات، سيجعلهم يمعنون في ذلك، لذلك لا بد من ملاحقتهم قضائيًا، وتطبيق عقوبات الجرائم الإلكترونية عليهم، والإعلان عن ذلك، كي يكفّ غيرهم ممن تسول له نفسه بإيذاء الآخرين!