سعد بن عبدالقادر القويعي
لا يمكن فصل أبعاد التفجيرات العنيفة التي ضربت أنقرة، وصولا إلى التفجير الإرهابي الذي استهدف مطعما في إسطنبول -قبل أيام- عن مجمل المشهد العام التركي، والتي شهدت سلسلة هجمات دموية، -غالباً- ما يتم نسبتها إلى تنظيم داعش الإرهابي، - باعتبار - أن معظم المخاطر الأمنية التي يشكلها التنظيم على تركيا ناجمة من القرب الجغرافي، ومن ثم محاولة تخلص التنظيم من الضغط العسكري الذي يعاني منه في الشمال السوري.
من المؤكد، أن الحادث الأخير يحمل عدة أهداف -داخلية وخارجية-.
كما أن جملة الرسائل -السياسية والأمنية- تتقاطع مع بعضها، وقراءة المشهد لن تنتهي عند مستوى الإعلان عن الجهة المسؤولة، بقدر ما يجب أن تنفتح التساؤلات أكثر للحديث عن الأسباب، والتداعيات، وهو ما أكده - نائب رئيس الوزراء - نعمان قورتولموش، بأن: «الهجمات الإرهابية في كافة أنحاء العالم ليست عبارة عن إرهاب -فقط-، وإنما وراءها رسائل سياسية»، فما يجري -في تقديري- ليس معزولاً عن الأحداث التي تشهدها المنطقة، وليس معزولا عن سياسة تركيا الإقليمية في التعامل مع العديد من الملفات الساخنة، -خصوصا- التطورات في سوريا، والعراق.
تبني تنظيم داعش الإرهابي هجوم انتحاري تركيا، وذلك من خلال بيان صادر عن وكالة أعماق الإخبارية الخاصة بالتنظيم، يوجه رسالة قوية لأوروبا، مفادها أن هذه النماذج الإرهابية المتواجدة في تركيا قد تصل إلى أوروبا. -وفي هذا السياق- فقد يكون من المفيد - أحيانا - ترك الأضداد تتصارع في حروب بالوكالة، وهو المؤكد لديّ بأنها عملية تمت بتخطيط، وتنفيذ، وبعد -إقليمي ودولي-، وهي نفس الاستراتيجية التي يستخدمها الغرب الذي يزعم أنه راعي الحريات، وحقوق الإنسان -اليوم-، في منطقتنا وصولاً إلى استنزاف الجميع.
ثمة من يربط بين هذه التفجيرات، وسياسة تركيا تجاه الأزمة السورية، بل إن تنظيم داعش بدأ -في الفترة الأخيرة- يتبنى هذه المسؤولية، -لا سيما- بعد إعلانه الحرب على تركيا؛ بسبب انخراطها في الحرب عليه؛ تغييراً للمواقف كلما استشعرت لديها حاجة للعب بورقة الأمن ؛ لتسيير المواقف السياسية، -خصوصاً- بعد تعاظم نفوس هذه الجماعات، والتي باتت تشكل خطراً على المنطقة -بأكملها- بما في ذلك تركيا.
الخاسر الأكبر من هذه الأعمال الإجرامية هي تركيا الاستقرار، والتعايش، والاقتصاد الذي سيتأثر كثيراً بتضرر قطاعي -السياحة والاستثمار-؛ بسبب تلك التفجيرات.
ومع هذا فليس من المتوقع أن تتراجع تركيا عن خيار المواجهة في مواجهة موجة الإرهاب ضد تنظيم داعش الإرهابي، إلا أنه من المهم التنبيه على الثغرات الأمنية التركية، والتي ظلت حاضرة في أغلب أعمال العنف، رغم تحذيرات الاستخبارات المحلية، والغربية، والتي لم تحدّ من مخاطر الاستهدافات الإرهابية المحدقة بتركيا.