الرؤية الاقتصادية السعودية 2030 هي العتبة التي يدلف من خلالها السعوديون إلى المستقبل، رؤية تحمل في مضامينها أبعادا اقتصادية مختلفة تعيد ترتيب المفاهيم والأفكار بما يتواءم مع المرحلة القادمة.
لن أتحدث عن الشق الاقتصادي البحت فلست متخصصا ولا ملما بلغة الأرقام، ولكن الرؤية بما حملته من تغييرات أفزعت المواطن ودفعته إلى إعادة التفكير في نمط حياته وطريقة إدارتها.
هناك ارتفاع منتظر في الماء والكهرباء وضريبة تلوح في الأفق القريب تسمى الضريبة المضافة لتثقل كاهل المواطن الذي أصبح كالمضاف إليه مكسورا بالعرف المجتمعي تارة وبالمكوس تارة أخرى.
يجب أن نعترف أنّ الإنسان السعودي أثقلته الكثير من الأعراف والتقاليد الخاطئة، وحملته أحمالا تنوء بحملها العصبة من الأفراد والمجتمعات والأسر، السعوديون في سوادهم الأعظم مباهون في أكلهم وشربهم وملبسهم ومركبهم، السبب يعود إلى شيوع عرف اجتماعي يقضي بالتموضع مظهريا في الصفوف الاقتصادية الأولى للطبقات الاجتماعية الفارهة والمرفهة، هذا التموضع قد لا يستغرق أكثر من سويعات هي عمر حفلة زفاف أو تكون في شارع من خلال سيارة فارهة تأسر صاحبها أعواماً خمسة وهو يدفع رسمها البنكي، أو رحلة استجمام إلى بلد سياحي لا تزيد على الأسبوعين توثق لحظاتها ولا تعاش طمعا في لفت انتباه الآخرين من الأقارب والمعارف والجيران، لإثبات القدرة على العيش مع الأغنياء حذو القذة بالقذة.
جاءت الإصلاحات الاقتصادية فضربت الأعراف الخاطئة في مقتل وأصبح الكل يؤمن أن عصرا من مفاهيم الترف قد ولى وأن الجميع يدلفون إلى عصر جديد مختلف في المفهوم والرؤية وأسلوب العيش.
أتساءل وإياكم: في ظل منظومة الأعراف الاستهلاكية التي أثقلت كاهل السعودي قبل الرؤية، ألم يحن الوقت للتخلي عنها؟ وما هو الإطار الزمني الذي يحتاجه الفرد والمجتمع لتحقيق ذلك؟
الجواب يكمن في العقلية المجتمعية وقبلها عقلية الفرد التي ينبغي عليها التكيف مع الوضع الجديد وهذا يقتضي إعادة ترتيب الأمور الحياتية على سلم الأولويات والتخلي عن بعض الشكليات الحياتية واستبدالها بعادات أكثر انسجاما مع الحالة الاقتصادية الجديدة.
كثير من العادات والأعراف يحكمها الوضع المالي في المجتمع والرؤية الاقتصادية الجديدة ستزيل بعضا منها وسترسخ البعض الآخر، المهم أن يعرف السعودي أن حزمة الإصلاحات كما يسميها الاقتصاديون ضرورة أملتها المرحلة والمواطن عليه التكيف معها.
أما الإطار الزمني فمرهون بقدرة المجتمع وإنسانه على الانسجام والتكيف مع الوضع الاقتصادي الجديد والذي لن يأخذ وقتا طويلا كما أظنه وأرجوه.
بقي شيء آخر ولن يكون الأخير: في ظل هذه الرؤية الاقتصادية هل ستزدهر الأفكار ؟هل سيزيد الإنتاج المعرفي ؟ أم أن حالة من التقشف والجفاف الإبداعي ستجتاح الثقافة والعاملين عليها؟.
- علي المطوع