سعيد الدحية الزهراني
هل لا تزال حواضن الثقافة التقليدية حاضرة اليوم في صلب فعل التأثير؟.. أعني بحواضن الثقافة التقليدية مؤسسات الثقافة الرسمية، من أندية أدبية وفروع جمعيات الثقافة والفنون والصوالين الثقافية والملتقيات والندوات ونحوها.. مع بعض الاستثناءات القليلة جداً..
بأسف عميق الواقع يشير إلى المجموعة الخالية.. الواقع الأسوأ يشير إلى (تخشّب) تلك التكوينات.. وهذا في تقديري مدار الحديث.. المجتمعات بجل مكوّناتها وأبنيتها في حالة مستمرة من التحول والتبدل.. وما لم تتساوق في إطارها تلك المؤسسات، فإنّ فعل التأثير سينسحب منها إلى غيرها وهذا ما حدث..
حواضن الثقافة الجديدة أنتجت رموزها.. وهي رموز جادة وعميقة ـ بعيداً عن نجوم الشعبوية الجديدة التي أفرزتها مواقع التواصل الاجتماعي ـ، تلك الرموز لديها ما تقدمه بصورة مغايرة عن سياقات المنتج لدى حواضن الثقافة التقليدية.. يحضر في هذا السياق منتجات مبادرات أرامكو المعرفية.. أيضاً ملتقيات مؤسسة مسك الخيرية الثقافية.. وكذلك عدد من النشاطات التي برزت مؤخراً حول مسابقات الأفلام القصيرة ونحوها..
الإشكالية الرئيسية لدى حواضن الثقافة التقليدية، أنها خضعت على مدى عقود إلى عملية برمجة نمّطت أداءها حتى باتت (ثقافة)، الأمر الذي جعل من محاولة التطوير أمراً في غاية الصعوبة..
أمام محاضن الثقافة التقليدية فرصة أخيرة للحياة.. تتمثل في إيجاد روح أداء وثّابة ومتجددة ومتجاوزة لركام ما تخشّب لديها من ثقافة عمل.. هذه الروح يجب أن تنبع من الإدارة العليا المحركة لجل تلك المحاضن.. وهي هنا وزارة الثقافة والإعلام أو الهيئة العامة للثقافة التي لا نزال نرتقبها ونلتمس الأقاويل حيال الجديد فيها وعنها عدا اسمها الذي هو الآن آخذ في التقادم..
أحيي محاضن الثقافة الجديدة ورموزها ومؤسساتها.. وأرجو أن تستفيد منها المحاضن التقليدية.. فليس من المعيب أن يتعلم الأستاذ من تلميذه.. المعيب أن تموت متخشباً وأنت لا تزال تعتقد بأنك على قيد الحياة..