د. ابراهيم بن عبدالرحمن التركي
** حديثه مُعجبٌ مطرب؛ فندرةٌ من تستوقفنا لهجاتهم المحكية الفصحوية حيث تتشابه السمات بين الأكثرية، غير أن تعدد البيئات التي نشأ بها - بين «الشعراء حيث ولد والطائف حيث تعلم ومكة والرياض حيث علّم» وما بينها وما وراءها - جعلت الاستماع إلى الأستاذ الدكتور ناصر بن سعد الرشيد ذا إيقاع عذب؛ فإذا مازجه الشعر صار أنغامًا عفويةً خلقت له حضورًا مميزًا في المجالس والمنتديات.
**لم يشغل نفسه بالإعلام العام فما أهمَّه أن يرى صورته أو يطير صيته، كما لم يشارك في الإعلام الثقافي مكتفيًا بدوائره القريبة في الجامعة والأندية واللجان والتآليف والأمسيات، وعُرف من نتاجه ما وثقه وحققه حول « سوق عكاظ وشعر يزيد بن الطثرية وتهذيب الآثار للطبري وأمثال القرآن لابن القيم وأغلاط الضعفاء من الفقهاء لابن بري والقاعدة المراكشية لابن تيمية»، كما كان ذا دور في المؤتمر الأول للأدباء السعوديين بمكة المكرمة، عدا ترؤسه قسم اللغة العربية في شريعة مكة وإدارته مركز البحث العلمي وإحياء التراث فيها، مثلما درّس في جامعات خارجية.
** تميزه صراحته فلا يتوارى عما يراه حقًا، وتدفعه اقتناعاته إلى موقفٍ أو توقف، ولا يمكن أن تلتقي به عابرًا دون أن يحكي لك نادرة تراثية ويردفها باستشهادات شعرية عربية وعامية تستعيد شموخ «ثهلان» وخصب «العالية»، ويود محادثه أن يمتد اللقاء؛ فليس أشهى من أحاديث الممتلئين.
** لم يسعَ يومًا نحو من يكتب عنه أو يُشيد به، ووعينا من يستدرُّ الثناء وربما شكا ممن جهله وخاصم من تجاهله،كما امتاز بلطفه غير المبالِغ حين يلقى من حالت دونه مسافات الزمن، وفي قراءته للحدث الثقافي لا يختبئُ خلف المصطلح والتعميم والرؤية بل يبرز كل ما لديه بصفاء ابن القرية ومواجهة محكِّم البحث.
** لا يُعذر في التقصير بقلة ما نشره؛ فنصف قرن بعد حصوله على الدكتوراه من بريطانيا (1971م) تُؤتي خيرًا كثيرًا لو أنصف نفسه وجاد بنفيسه، ولعله يُخرج مخبوءه؛ دراساتٍ ومقالاتٍ وكتبًا وسيرة ثرةً تستحق الاحتفاء.
** للريادة ثمن.