تخطر في بالي كثير من الموضوعات كأن أكتب عن الفرق بين بداية العام المنصرم وهذا العام، أما إذا حاصرتني أفكاري دون تبرير لها فلن أفلح في الخلاص من انزعاجي وكأن العالم لا يمنحني هذه الصلاحية التي أعلنها مضادة لذاتيتي وحريتي الشخصية. حتى أتكدس في قدرتي على الانبعاث مجدداً في غوري هكذا هي الأيام.
أستمع إلى أم كلثوم وأشرد بل أسيح في أعماقي علني أستل الأفكار القديمة الحزينة التي تقطنني وتقترب مني أكثر. كل الأفكار البائسة تنتقل عدواها مثل المرض المزمن الذي مهما كان بسيطا وإن تربع فينا فإنه يشكل فينا أزمات ذاتية نفسية تجعلنا نشعر بالنقص والعجز.
لعنة الله على عاهاتنا الاجتماعية المتوارثة التي لا تحررنا من أقفاصها وأوهام التعايش كلما اقتربت معها وإن لم تشبهنا.
على آهة لا تحتمل سوى الهم أستقبل أغنية وداعي الأخير بعناكب حزن تشابكت علي، ما أنا إلا ذرة غبار واهية تهزها رجل عنكبوت هزيلة مثل رماد منفعل بهواء فاسد. تلك العيون الغارقة في البهجة تقتلني ألف لحظة في اللحظة بينما أدمع طعناتي المغروسة في صدري الغريق الغارق في غزارة ضعفي مستلبة الوحدة حتى في عزلتي كثير من الوجوه تتراكم في لحظاتي لتلاعب بإسرافي في البكاء المر.
كيف أنفض عني هذه العناكب المنقضة علي بشقاء محكم.
ليلة استثنائية من الطرب والكتابة ولا يكدر حلاوتها أي طعم للأفكار الشريرة.
هكذا أستأثر بعالمي الذي يلهمني المواقف والمشاريع الإبداعية حتى وإن لم يكن هناك مشروع بذاته في رأسي فسأكتفي بحالة من المزاجية التي في ارتفاع مستمر ولا يغشى صفوها شيء على الإطلاق.
لكنني أسال: هل ما بي من حزن مطعون طاعن سيخصب المياه في الأنهار التي شربت الجثث المأهولة بالفضة وارتحلت بها إلى قبورها الجارية في الأنهار؟
أنا يتيمة إلا بي. كيف سأكون إما لهؤلاء الأطفال وأنا لم أكن أماً يوماً ولم تفقدني أم بعد ولا أب!
لا تباع الأمومة، الأمومة لا تشترى.
- هدى الدغفق