علي الخزيم
لن أقول (عادت عُمان) إلى بيتها الخليجي، ولن أنساق وراء مواقع إعلامية تتحدث وكأنّ الحبيبة سلطنة عمان قد غادرتنا يوماً ما، أو فارقت قلوبنا ومشاعرنا، روابط قوية وأواصر متينة من الود والدين والدم والعروبة والأصالة تجمعنا مع عمان خليجياً وعربياً، وإن كانت حكومة جلالة السلطان قابوس انتهجت التَرَيُّث وتدارس مجريات الأحداث قبل أي قرار، فهذا شأن خاص بها وهي تعرف كيف تدير أمورها، وما يهمنا، خليجيون وعرباً، هو بقاء الشقيقة الغالية في اصطفاف أخوي خليجي عربي إسلامي، ففي انضمام عُمان إلى تحالف الدول الإسلامية لمكافحة الإرهاب تمتين لعلاقات الأخوة الإسلامية، والوقوف بوجه كل مُغْرض ومُعْتَدٍ أياً كان موقعه وفكره ومنهجه وأيدلوجيته.
الرشد والأناة وحكمة القرار سِمَة مُشتَرَكة لدول الخليج يلمسها المراقب، لما تم من مقدرة دبلوماسية وملكات باهرة بإدارة الرأي حول مسألة انضمام السلطنة العزيزة لشقيقاتها الخليجيات، ولدول التحالف الإسلامي بقيادة المملكة؛ بالجهود الخيّرة التي بذلها صاحب السمو الملكي ولي ولي العهد النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع الأمير محمد بن سلمان، والأشقاء بمسقط بيت الحكمة والاتزان والتعقل؛ ما أفضى إلى هذه النتائج المبهرة برَوِيّة وهدوء دون بهرجة ولا ضجيج مُفتَعل، هكذا تدار الأمور إذا عملت واعتملت القدرات من رموز العمل الدبلوماسي والدراية السياسية، ومخزون الفكر العقلاني المتزن من ذوي الحصافة والرأي السديد، قامات خليجية تنشد الحق والعدل والسلام لدولها وللعالم أجمع، تنبذ الفكر الضال والعمل الإفسادي التخريبي، وخلخلة الدول والأقاليم خدمة لأجندات مرسومة، فطنت لها قيادات الخليج، وهي وإن حلمت حيناً وتريثت أحياناً فإنما هي تراقب وتخطط وتضع الأمور في موازينها، على ضوء ما تقرره عقول القادة الحكماء بعواصم القرار الخليجي، التي دأبت على التؤدة وطول النفس والبعد عن الارتجال والتسرع، بما تُمليه مصلحة الأوطان والشعوب المحبة للخير والسلام، غير أنّ الحليم المقتدر إذا لم يجد ردود أفعال وصدى لأناته، وحلمه وصبره على الطرف المخالف، أو المستفز على الضفة الأخرى، فإنه يملك من المقدرة الفكرية والقدرات العملية والإمكانات الاتحادية بين الإخوة الأشقاء والإخوة بالدين، ما يُبْهِر من كانت قياساته خاطئة وعَدَّ الحكمة وغضّ الطَّرْف ضعفاً وخذلاناً.
وهذا ما يفسره البيان العماني بشأن انضمام السلطنة للتحالف الإسلامي، حيث أكدت الخارجية العمانية: (أنّ انضمام السلطنة إلى تحالف الدول الإسلامية لمكافحة الإرهاب، يأتي في سياق الفهم المشترك للدول الإسلامية، وعلى وجه الخصوص دور وقيادة المملكة العربية السعودية الشقيقة، على أهمية تحقيق السلام والأمن والاستقرار في المناطق التي يسودها العنف الإرهابي المسلح، وإن سلطنة عُمان سوف تبذل - وكما كانت على الدوام - كل الجهود مع الأشقاء والأصدقاء، لتوفير بيئة إقليمية يسودها الأمن والسلام في هذه المرحلة التي يتوجب تعاون كل الأطراف لتحقيقها).
ومن مؤشرات قوة اللُّحمة والروابط الخليجية، هذه البهجة الغامرة والصدى الإعلامي بين كافة طبقات المجتمع الخليجي بالقرار العماني، فعمان الأصيلة هي نبراس الدين والتراث والتاريخ والجغرافيا المشتركة، عمان بسويداء القلب.