د. عبدالرحمن الشلاش
خصصت هذا المقال للحديث عن التدريب أثناء العمل لإيماني العميق بأهميته للعمل أولا لزيادة الإنتاجية وتحسين نوعيتها، والاستفادة منه بوصفه استثمارا مربحا وليس ترفا ومضيعة للوقت والمال، وتغيير الأساليب وتجديد الدماء، وثانيا أهميته للموظفين في صقل مهاراتهم وإطلاعهم على المستجدات والتطورات في مجال عملهم، وتغيير قناعاتهم نحو الأفضل. التدريب بالنسبة للموظف رئة ثالثة يتنفس بها وحرمانه منها يعني بقاءه على وضعه دون حراك نحو الأمام تطويرا لقدراته.
لا يمكن استمرار الطبيب والمهندس والمعلم وحتى الموظف الإداري أو الفني أو من يعمل على الأجهزة التقنية دون تدريب أو تدريب ضعيف لا يحقق الأهداف لأن عجلة التطوير مستمرة وما نعمل عليه اليوم من أجهزة ووسائل وما نعتمد عليه من مصادر معلوماتية سيكون كل هذا في الغد القريب من الماضي.
أقول هذا بعد أن لمست تراجعا مقلقا في مجال التدريب وإحجام بعض الجهات الحكومية وبعض مؤسسات القطاع الخاص عن طرح برامج جديدة، قد تكون هناك مبررات للترشيد أو تخفيض الإنفاق لكنها لا ينبغي أن تكون على حساب التدريب وهو الذي يأتي موازيا للتعليم من حيث الأهمية. لا أقصد في برامج التدريب تلك الدورات الصيفية السياحية التي تقام في بعض الدول وأنفقت عليها الأموال الطائلة رغم ضعف مردودها على العمل وقد تكون الفائدة الوحيدة منها الاستجمام لبعض الموظفين بعد عناء عام كامل من العمل وتغيير الجو والاطلاع على معالم دول أخرى. كما أني ضد الدورات التي يسوق لها بعض سماسرة التدريب الذين يفدون إلى بلادنا وكأنهم من كبار المدربين في العالم كي يظفروا بعقود عالية القيمة المالية لتدريب الموظفين السعوديين في ديارهم.
أكثر ما يهمني أن تفعل مراكز التدريب أثناء الخدمة داخل المملكة سواء الحكومية أو الأهلية خاصة وأن لدينا مراكز مميزة كلفت الملايين ومدربين سعوديين لا يقلون عن غيرهم بل ربما يتفوقون على كثير من مدربي الخارج. أطلق هذا الحكم من واقع تجربة، فالمدرب السعودي لديه إمكانات أفضل وفهم بواقع العمل في السعودية وبمستوى الموظفين. لدينا موظف يعاني من ضعف في بناء العلاقات السوية داخل بيئة العمل، وموظف لا يجيد التخطيط للعمل، وموظف لا يجيد التعامل مع التقنية. هل تشبع كل موظف من الدورات التدريبية لدرجة أنه لم يعد لدينا من هو بحاجة للتدريب؟ إجابتي بالتأكيد لا! ثم أترك الإجابة لكم. المهم أن لا تكون بنود التدريب عرضة للإلغاء أو التخفيض وكأنها ترفٌ يوفر في أوقات الرخاء فقط فهو عصب النجاح في العمل.