الشارقة هاتفيًّا - محمد المنيف:
انطلاقًا من اهتمام إدارة بينالي الشارقة بقيادة الشيخة حور القاسمي بالتنوع في ثميات البينالي، وتعدد اختصاصاتها التي تهم الحياة والإنسان، وتعدد مواقع أنشطة البينالي، يبدأ بينالي الشارقة الـ13 يوم السبت 8 يناير 2017 في «جامعة الشيخ أنتا ديوب» في داكار بالسنغال أول مشروعاته بعنوان «يحيا استقلال المياه»، بوصفه أول المشروعات الأربعة الموازية المدرجة في خطة بينالي الشارقة الـ13؛ لتعالج كلمات مفتاحية، يرتكز عليها البينالي، وهي: الماء والأرض والمحاصيل والطهي؛ بوصفها أساسيات الحياة والنشاط البشري.
وسوف تقام المشروعات الثلاثة الأخرى في كل من بيروت ورام الله وإسطنبول.
هذا، ودعت قيّمة بينالي الشارقة الـ13 كريستين طعمة الفنان قادر عطية إلى أن تكون المحاور في دكار لمقاربة أولى الثيمات الأربعة للمشروعات الموازية، ألا وهي «ثيمة الماء». وكان الفنان عطية قد أعد برنامجًا وورش و«سمبوزيمات» وندوات وعروض أداء؛ ليعاين من خلالها هذه الثيمة نظريًّا وفنيًّا، مقاربًا في ذلك أول عناصر الوجود الإنساني وصولاً إلى شبكات المياه والبنى التحتية، وارتباط هذا العنصر بالأرض والمحاصيل والطهي.
وعلى ذلك قام عطية باختيار ميناء يطل على المحيط الأطلسي، يقع في شبه جزيرة «الرأس الأخضر»؛ ليكون مسرح استكشافاته المتعددة لعنصر الماء، مؤسسًا لحوارية ما بين مدينة دكار وإمارة الشارقة؛ كونهما تطلان على البحر، وتمتلكان قواسم مشتركة في تاريخهما المتباين، بما يضيء على صراعات المجتمعات المعاصرة.
السياق
تتطرق معاينة عنصر الماء في مشروع «يحيا استقلال المياه» إلى اهتمامات العصر الحديث البيئية والأيكولوجية، وتتعقب علاقتها بالمظالم المتجذرة تاريخيًّا في بلدان الجنوب؛ إذ تتجلى أيضًا مخاطر ظاهرة الاحتباس الحراري وارتفاع منسوب المحيطات بشكل متفاقم في تلك المناطق؛ إذ تمتلك الكوارث الطبيعية إمكانية إلحاق الضرر بالبنى التحتية المحدودة لشبكات الصرف الصحي، إلى جانب تعريض الصحة العامة للخطر.. وكل ذلك في ظل طغيان الفوارق الاجتماعية. وهكذا أمست خصخصة وتسليع المياه مشكلة متعاظمة في تلك البلدان أكثر من أي وقت مضى؛ ما يؤثر سلبًا على المساواة في الحصول على مياه الشرب.
ويركز «يحيا استقلال المياه» على قطبين رئيسيين للمياه (ثقافي وسياسي). ويقدم البرنامج مقاربات على اتصال بهذين الفهمين عبر استكشاف الشعر والسحر والمعتقدات الروحية، إلى جانب الشؤون المتعلقة بالسلطة والسيطرة والاقتصاد والإرث الاستعماري والحداثويات المهيمنة.
وتُقام ورشة اليوم الأول تحت عنوان «المعتقدات والمعرفة» متناولة المياه بوصفها صلة وصل بين الروحانية التقليدية والمعتقدات العقلانية المعاصرة، وذلك عبر المعمار والسينما والصورة والنص، بما يتيح انفتاح البرنامج على مقترحات متعددة لتبادل المعرفة. وستقوم كل من الشاعرة المغربية رشيدة مداني والشاعر الجزائري بيير عمروش باستكشاف القوة الميتافيزيقية للشعر، بينما يناقش الانثروبولجي السنغالي د. إبراهيم سو قوة الرمل (أنا المياه المغايرة)، من خلال قراءة البخت. ويروي الفنان والهيدرولوجي الألماني كريستوف كيلر بصريًّا قصة إمبراطورية المياه في فيلمه «أنارشيولجي»، الذي يتناول علم الكونيات لدى قبيلة يانومامي. كذلك يقدم الفنان الفرنسي مارسيل دينهيت شيئًا من اهتمامه بتصوير المدن من البحر. أما المهندسة المعمارية الباكستانية سامية راب فإنها ستعاين العمارة الشاطئية وفقًا لمعدل ارتفاع منسوب مياه البحر. وتناقش المهندسة المعمارية الجزائرية ياسمين تركي العلاقة بين البحر واليابسة عبر تناولها العمارة الطينية. وتتعقب القيمة نادين بايلونغ الروابط بين المعتقدات التقليدية المتربطة بأرواح الماء مع الأيقونية الحديثة، وذلك في منطقة «مامي وتا» في بلدها الكاميرون.
وتحمل ورشة اليوم الثاني عنوان «الحياة اليومية للسيطرة السياسية على السيولة» مختبرة الفهم السياسي والاجتماعي والتاريخي للمياه، مع التركيز بشكل خاص على الأبعاد الاثنية. وسيعيد كل من الفنان السنغالي كيمي باسيني والناشط البيئي علي حيدر تفسير المياه اجتماعيًّا وسياسيًّا وتاريخيًّا، وذلك في مقاطعات بيول في شمال السنغال.