أروى السقاف
يقول عالم الاجتماع ابن خلدون كنايةً عن الاجتماع البشري: «الإنسان مدني بالطبع» أي أن الإنسان مهما كانت الظروف لا يستطيع أن يكتفي بنفسه ويعيش بمفرده دون تكوين علاقات ويتوارى وحيداً بلا أنيس أو شريك.
وللعلاقات الاجتماعية الناجحة أهمية كبرى وقيمة نفسية واجتماعية عظيمة، فمن الناحية النفسية فهي تساعد الفرد على تشكيل شخصيته وطباعه وتُبعد عنه مشاعر الوحدة والقلق وتنمي دوافعه واتجاهاته وميوله وتساعده في تحقيق التفاهم المشترك، وأما من الناحية الاجتماعية فهي تعطي الفرد مكانة اجتماعية وتساعد أيضاً على تحقيق التغيير الاجتماعي ومن خلالها يستطيع الفرد أن يُثبت ذاته وتُمكّنه من تبادل وجهات النظر واكتساب خبرات ومهارات حيوية حياتية وغيرها.
نلاحظ مؤخراً أنه أصبح من الصعب تكوين مثل هذه العلاقات المثمرة والتعايش معها، لأن العلاقات عندما لا تسير على خطىً محددة متفق عليها بين الطرفين تتخبط وقد تفشل وتهترئ، بعكس التي يسودها الوضوح والتفاهم وتساعد على التقدم نستمر ونكافح لأجلها. ولكن هناك نوع من العلاقات المتذبذبة قابعة بين الظلام والنور لا هي التي تسير نحو الظلام فتفنى ولا هي التي تسير نحو النور فتبقى، نحب الأيام السعيدة التي غُمرنا بها ونكون كارهين لكل الأفعال المؤذية التي اقتُرفت بحقنا، نحن عندما لا نشعر بالأمان في أي علاقة ننسحب لأننا نخشى أن نحزن مثل كل مرة خُذلنا بها خصوصاً عندما تتكرر الأخطاء ولا نرى أي تغيّر جيّد رغم المحاولات ويُبتعد عنا. البعد يُذبِل كل شيء ويُخفت وهج اللهفة ويُورث الحواجز.
ينبغي علينا أن نعترف بوجود النهاية في العلاقات فليست كل نهاية خسارة وأن نتعلَّم حب أنفسنا قبل كل شيء فننقطع عن العلاقات المتذبذبة التي أصبحت لا تعود علينا بالنفع والتي تصيبنا بالحيرة والقلق وكثرة التفكير.
أوجدوا فيكم ما تتمنوا أن تجدوه في غيركم، وامضوا واثقين من أنفسكم وتأكدوا أنه سيأتي يوم يُكتشف فيه أنكم أشخاص جديرين بالثقة والمحبة، وانظروا للعلاقات الفاشلة الماضية على أنها شيء من التجارب المفيدة، ثم حسبكم أنكم كنتم صادقين محبين معطائين فهذه من صفات النبلاء.