د. ابراهيم بن عبدالرحمن التركي
(1)
** نستبطئُ أيام من لا نود؛ فقد يكون في الثلاثين ونظنه في التسعين مثلما نستقلُّ حياة من نحب ليظل فتيَّ الحضور، وهنا ملتقى المسافات الفاصلة بين مشاعرنا وشعاراتنا؛ فقد نبني على الحب روايةً ترتقي وعلى الكُرهِ حكاياتٍ تنتقي، وعسيرٌ علينا التجرد من أهواء الذات المسكونة بمشاعر متناقضة لا تستجيب لشرط العقلنة.
** قالوا: إن الموت لا يتأخر أبدًا، لكنه لا يبكر أيضًا، وفوارق التوقيت تجعلنا نَجزعُ ونُفجع؛ فما الذي يصنعه بنا التوقيتُ نفسه، وما الذي نعيه من الحياة إن جهلنا أو تجاهلنا الممات؟
** كل يوم يغادر دوائرنا الشخصية أحبةٌ لا يُودعون ولا يستودعون؛ تحملهم الرحلة نحو المغيب، ونكتفي بإيماءة سادر وتلويحة مسافر.
** اعتدنا على مقامات الرثاء تتوالى ممن يعرف الراحلين وممن سمع بهم، وتساءلنا ونتساءل: أين كنتم وقت حياتهم؟ ولِمَ لَمْ تسعدوهم ببضع كلماتٍ تقرّ بها أرواحهم؟ وإلى متى ونحن لا نستيقظ إلا حين يهزمنا الناعي؟ وأين من يعتبر؟
**سيُرمس المسيئون وينسون، ويبقى أن نكرم ذوي الفضل وهم أحياءٌ، لكنها عادة الصحو المتأخر مع التكبيرات الأربع إبراءً لضمير لا يلبث أن يعود إلى إغفاءته.
(2)
** ليس مهمًا من يكون؛ قريبًا أم غريبًا؛ فخلف السُّدم المعتمة بياض مطر، ووراء الأفق الغارب شمس جديدة.
(3)
** شاء أن يكتب سيرته ظانًا أنها مسيرة، وإذ لم يجد فيها ما يستحق قرّر ألا يدقق ولا يوثق؛ ولا بأس أن يدلس ويدنس، وفي منصة التوقيع كان يغمز بعينه لناشره ويرمق جموع المغفلين.
(4)
** لم يعنهم النص، بل الشخص، وودُّوا لو كانوا «هناك» كي يستودعوا «هنا»؛ فقد ملُّوا نضال المتربة وارتضَوا نصال المقربة.
(5)
** وسموها بالانتخابات، وما كانت غير انتحابات.
(6)
** لأنه صديقه فقد سرق ماله وناصر خصمه وأحبط تطلعه، ولأنه يخشى قريبه فقد أيقن أن ذاك أهون من هذا وخسرهما معاً.
(7)
** عَلم لكنه لم يفهم، وفَهم غير أنه لم يعمل، وعَمل دون أن يتقن، والناتج مُركَّبُ تجهيل وموكبُ تضليل.
(8)
** العمر رقمٌ دون معنى، والمعادلة صحةٌ نفسيةٌ وجسديةٌ، وبين الرقم والمعادلة تتيه المسافة بين صغير شاخت روحُه وشيخ لم تعقه جروحُه .
(9)
** من تستعبده كلمة لا يستعيده كتاب.
(10)
** يجيء الشيطان ثالثًا فيتفرج ولا يتحرج، ونحن من يجعله يحكم أو يحلم؛ فلا تخشوه واخشوا أهواءكم.
(11)
** مات المنبر ولم يمت المنبريون.
(12)
** التأريخُ يستيقظ متأخراً.
(13)
** الغد لا يجيء بوعد، والموعد لا يعنيه المتثائبون.