د. عبدالرحمن الشلاش
بعد مضي أكثر من ست سنوات على اندلاع ثورات ما سمي بالربيع العربي ونحن في بدايات عام 2017 م يجدر بنا أن نطرح هذا السؤال العريض «ماذا غيرت ثورات الربيع في العالم العربي؟»
انطلقت الثورات بأحلام وردية لتغيير واقع مزري إلى واقع جميل. هكذا فكرت الشعوب ثم ظنت أن تلك الأحلام ستتحقق فور سقوط الأنظمة الحاكمة في تونس وليبيا ومصر واليمن فرفعت الشعار البراق «الشعب يريد إسقاط النظام» وهي مدفوعة بآمال عريضة للقضاء على الفساد وتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية والعدالة والمساواة والمشاركة الحقيقية في رسم السياسات واتخاذ القرارات.
بعد مرور تلك السنين هل تحقق شيء من تلك الطموحات الكبيرة أو على الأقل بعضها؟
للإجابة على هذا السؤال لا بد أن نعلم بأن تلك الثورات قد قامت في ظل أوضاع داخلية وخارجية لا تساعد على توفير فرص النجاح لثورات جاءت في حقيقتها على شكل مغامرات جريئة غير محسوبة النتائج في مواجهة أنظمة شمولية , وأحوال اقتصادية متدنية وتركة ثقيلة من المشكلات المتراكمة التي يصعب حلها في وقت قصير, ناهيك عن عدم نضج سياسي كافي لدى الشعوب الثائرة , وغياب مؤسسات المجتمع المدني في بعض تلك الدول , وملايين من البشر يرزحون في أغلال الجهل والتخلف والفقر.
من الطبيعي مع تلك الصعوبات والتركيبات المعقدة أن تتجه تلك الثورات بالدول التي عصفت بها إلى واقع أسوأ بكثير من السابق, أي أن ثورات الربيع قد غيرت ولكن إلى الأسوأ. خذ مثلا تنامي الطائفية في العالم العربي, وتمكن حزب إرهابي مثل حزب الله في لبنان, وانقلاب الحوثيين في اليمن على السلطة الشرعية بدعم من إيران, وظهور داعش الإرهابية مدعومة من قوى خارجية معادية للعرب أرادت من داعش أن تسهم في نشر الفوضى والذعر في المنطقة , وسهلت لها الثورات والانفلات الأمني في بعض الدول مثل العراق وليبيا سهولة التحرك للوصول إلى أهدافها في الدول المستقرة سياسيا وأمنيا واقتصاديا مثل السعودية وتركيا وبعض دول الخليج.
أدت ثورات الربيع أو الخريف كما يحسن إطلاقه عليها بعد نتائجها الكارثية إلى نشوب صراعات قد تتحول إلى حروب أهلية . أيضا ظهرت أيران الصفوية كعنصر متحرك في أكثر من قطر عربي لإثارة الفتن ودعم الصراعات في العراق وسوريا واليمن.
على مستوى شعوب تلك الدول لم يتغير واقعهم إلا إلى الأسوأ حيث الانفلات الأمني وسوء الأوضاع الاقتصادية والفقر والبطالة والفساد والعنف والقمع والتهميش ما جعل كثير منهم يتمنون العودة إلى ما قبل الربيع المشؤوم!