جاء خطاب خادم الحرمين الشريفين في مجلس الشورى مؤثراً، والكل كان متشوقاً له، حيث افتتح خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز -حفظه الله- السنة الأولى من الدورة السابعة لمجلس الشورى، وألقى الخطاب الملكي السنوي وكان خطاباً شاملاً لجميع ما يهم المواطن في حياته على كل الأصعدة السياسية منها والاقتصادية والاجتماعية، حيث اشتمل على مضامين كان في طليعتها التركيز على الأسس التي قامت عليها المملكة وما اختصها الله وشرفها من رعاية للحرمين الشريفين ورعايتهما وخدمتهما، ومسؤوليتها نحو ضيوف الرحمن وما وفرته الدولة لراحتهم والحرص على أمنهم واستقرارهم، كما أكد على القواعد والأسس والمنطلقات والمرتكزات التي تقوم عليها بلادنا الحبيبة منذ تأسيس هذا الكيان العظيم على يد الملك المؤسس عبد العزيز بن عبد الرحمن -طيب الله ثراه- حتى عهدنا الزاهر عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، وهي قواعد وأحكام الشريعة السمحة، كما وضح أهمية الوحدة الوطنية، واللحمة بين القيادة والشعب، ووقوف الجميع صفاً واحداً حيث استمعنا جميعاً إلى الخطاب وسعدنا بما اشتمل عليه من عزم الدولة على مواجهة كل مَن يدعو للتطرف أو الغلو، امتثالاً لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: «إياكم والغلو في الدين فإنما أهلك من كان قبلكم الغلو في الدين»، وكذلك التأكيد على أن المملكة سوف تواجه كل من يدعو إلى التفريط بالدين. وكذلك أهمية السياسة الداخلية للدولة حيث تقوم على حفظ الأمن وتحقيق الاستقرار والرخاء وتنويع مصادر الدخل ورفع إنتاجية المجتمع بما يلبي احتياجات الحاضر ويحفظ حقوق الأجيال القادمة.
وما كان من دولتنا من جهود في أنها عملت على التعامل والتكيّف مع التحديات والتقلبات الاقتصادية الشديدة التي يمر بها العالم بسبب انخفاض أسعار النفط، وأنها اتخذت إجراءات إصلاحية بعضها مؤلم ولكنها تهدف لحماية اقتصاد البلاد من مشكلات أسوأ. وأكد الملك أن الدولة شرعت في اتخاذ هذه الإجراءات في الوقت المناسب، وجرى إعادة توزيع الموارد بشكل عادل، بما يتيح فرصة النمو وتوليد الوظائف، مبيناً أن رؤية المملكة 2030 تأتي في هذا السياق ولتحقيق العيش الكريم لأبنائنا وبناتنا. كما حدَّد خادم الحرمين الشريفين، الملك سلمان بن عبدالعزيز، أهم قواعد عمل مجلس الشورى في دورته السابعة، موصياً الأعضاء والعضوات بالحرص على مصالح المواطنين ووضعها على الدوام نصب أعين الجميع.
كلمات وعبارات وتوصيات فيها من الحكمة الشيء الكثير، حيث وضع الخطاب الملكي الأسس والمرتكزات لمستقبل الوطن والمواطن السعودي وتعزيز جهود التنمية الشاملة في المناطق كافة. حقيقة هذا الخطاب السامي وجد من كل المواطنين الترحيب، لأنه خطاب أب لأبنائه، وذلك لما تضمنه من شفافية كبيرة للخطط المستقبلية بكل وضوح من جميع الجوانب، وما حمله كذلك من اهتمام وحرص لكل فرد يعيش على أرض هذا الوطن الغالي بأن يعيش عيش الرغد والأمن والأمان وتوفير جميع الخدمات لهذا الشعب. وللسياسة الخارجية مكان وأهمية، حيث بين خادم الحرمين الشريفين -رعاه الله- على أن المملكة ماضية في سياستها الرامية إلى دعم الأشقاء والأصدقاء ومناصرتهم ومؤازرتهم، ويتجسد ذلك من خلال نصرة الأشقاء في اليمن من خلال عاصفة الحزم، ثم إعادة الأمل، والعمل على إيجاد الحلول السياسية وفقاً للمعطيات الخليجية والعربية والدولية، والتأكيد على وحدة الأراضي السورية، ومحاولة إيجاد حل سياسي للخروج بهذا البلد الشقيق من أزمته، وكذلك نصرة القضية الفلسطينية، وهي قضية المسلمين الأولى. وتجلى في خطاب ملكنا أهمية المواطن السعودي وهو هدف التنمية الأول، وهذا أكبر دليل على أن اهتمام القيادة الرشيدة بالمواطن وثقتها في قدرته على العطاء وأنه أهم عنصر من عناصر التنمية المستدامة التي أضحت سمة مهمة من سمات العصر الزاهر في عصر الحزم والأمل، عصر الولاء في عهد سلمان السلام والعز, حيث جاءت كلمات الملك سلمان معبرة ومؤكدة توجه الدولة الرامي إلى تنويع مصادر الدخل, وهو توجه محمود يهدف إلى تجنيب المواطن المخاطر الاقتصادية التي قد تواجهنا بسبب هبوط أسعار البترول, وحثه -حفظه الله- على تنوع مصادر الدخل لينعم المواطن بالاستقرار المعيشي.