«الجزيرة» - أحمد المغلوث:
في بداية البث التلفزيوني لتلفزيون أرامكو كنا نشاهد بعض البرامج العلمية المختلفة، ورغم كونها بالأسود والأبيض في تلك الأيام إلا أنها كانت تتضمن برامج علمية وعن الاختراعات الجديدة التي كانت تقدم للمشاهد خدمات ثقافية وعلمية جوهرية.
لم تكن عقولنا الصغيرة في ذلك الوقت تستوعب ما تقدمه حلقاتها من أجهزة ومعدات آلية مزودة بأجهزة ومعدات اليكترونية ومعدنية مدهشة، وعندما كنا نقرأ في مجلات الهلال وبعدها العربي وحتى قافلة الزيت كانت تدهشنا أخبار العلوم والاختراعات وكيف سوف يكون دورها وتأثيرها في حياتنا.. وها نحن جميعاً نعيش في زمن متطور زحفت فيه التقنية علينا وأحاطتنا احاطة السوار بالمعصم، فلا فكاك من تعاملنا معها ومع اختراعاتها وجديدها المتجدد، وكنت أشاهد بالأمس الطابعة الثلاثية الابعاد وكيف تنتج العينات والأشكال، عندما قال لي ابني: فاتتك يا أبوي هذه الطابعة كانت انتجت مجسماتك بدلا من رسمها أو تجسيدها بالجبس والخشب والصلصال!. فقلت له: أشياء كثيرة فاتتنا ولكن الحمد لله البركة فيكم أيها الجيل الجديد، كل شيء أمامكم بات متاحاً، الدراسات الفنية والصناعية والتقنية، دورات في كل مكان، قروض وتسهيلات، أنتم الآن يا ولدي في عصر تقني متطور يتجدد كل يوم مع اشراقة كل شمس، ومختلف وسائل الإعلام تقدم يوميا بل كل ساعة أخبار المنتجات الجديدة ويركض المبدعون والمهندسون والمبتكرون والعاملون في مجال التصنيع التقني والابتكاري في خدمة البشرية فنجد الابتكار والتصنيع والمحاكاة شملت كل المجالات حتى الجلد البشري، بدؤوا في إنتاج جلد بشري مصنع عوضا عن الجلد المشوه أو المحروق، بل ها هي أجهزة تعويضية تساعد المشلول والمقعد على تمكينه على الوقوف وحتى المشي! وها هو الربوت بات يقدم الطعام للزبائن في المطاعم ويخدم في البيوت بعيدا عن مشاكل وتقصير مكاتب الاستقدام أو توفير العمالة، كنا في الماضي ندهش ونحن نشاهد تلك الأجهزة التجسسية الصغيرة والمثيرة للدهشة في أفلام (الجاسوسية) العميل رقم 007 وكيف يستخدمها البطل في أعماله المدهشة في المقاومة والتغلب على خصومه وما أكثرهم، وكل ما كنا نشاهده ونعتبره خدعا غير معقولة اتضح لنا مع الأيام أنها كانت حقيقية وموجودة في أجهزة الاستخبارات في دول الغرب.. والكاميرا الصغيرة التي كانت في ساعة العميل أو في قلمه باتت تباع في أسواق العالم بل ها هي الآن موجودة داخل هواتفنا الذكية والتي ربما هي الأخرى والعهدة على القائل تتجسس علينا لصالح الدول المنتجة لها إذا أرادت.. وها هي التقنية صارت تتيح للبعض من المجرمين (الهكر) سرقة المعلومات وحتى الأموال من حسابات الغير، بل وحتى الدول، وكم خسرت دول كبرى ملايين الدولارات التي تت سرقتها من خلال عصابات «هكر عالمية» بل وتضررت شركات ومؤسسات ووزارات حكومية في العديد من دول العالم من خلال ضربات هكر شيطانية وذكية، وهذا جاء نتيجة لسبر غور التقنية والإلمام بأسرارها المختلفة..! هذا ويعمل العلماء في دول عديدة على تصنيع كل جديد ومفيد للبشرية وحتى مميت لها، ففي الوقت الذي تتم فيه صناعة التقنية المفيدة للإنسان وصحته ورفاهيته وكل ما يسعده، نجد بالمقابل تنامي صناعة أخرى تسارع في تدميره والقضاء عليه بل قتله خلال لحظات بفضل تقنيات حديثة ومتطورة فها هي أسلحة الليزر والأشعة الحمراء صارت متوفرة لدى جيوش العالم المختلفة.. وماذا يعني هذا؟، لاشك انه يعني ان علينا جميعا أن نسعى كبارا وصغارا إلى مواكبة هذه التقنية وما تنتجه من منتجات وان نتعامل معها بحرفية لنستفيد منها بالصورة المثلى فلا ضرر ولا ضرار بعيدا عن تسخيرها فيما يسيء للآخرين. والتقنية الحديثة ومنتجاتها في هذا العصر اشبه ما تكون بجرعة الدواء، القليل منها مفيد والكثير منها مميت..!