د. محمد عبدالله العوين
أثار بيان وزارة الداخلية الذي أعلن يوم الأحد الماضي ارتياحا كبيرا في نفوس المواطنين جميعا؛ وبخاصة أسرة المجني عليه، حيث كشف بيان الداخلية عن القبض على ثلاثة متهمين في جريمة اختطاف قاضي دائرة الأوقاف والمواريث بمحكمة القطيف الشيخ محمد عبد الله الجيراني من أمام منزله ببلدة تاروت بالقطيف صباح الثلاثاء 14 - 3 - 1438هـ وقد كان دورهم في الجريمة الرصد والمراقبة لتحركاته ومعرفة وقت دخوله وخروجه من منزله.
وقد استنكرت هيئة كبار العلماء في المملكة الحادثة بعد وقوعها مباشرة، وقالت «إن اختطاف القاضي الجيراني جريمة مدانة بأشد العبارات، وشعب السعودية يقف صفا واحدا خلف قيادته ومع رجال أمنه وجنوده تجاه كل من يتعرض لمواطنيه بسوء».
وليست هذه هي المرة الأولى التي يتعرض فيها الشيخ للمضايقات؛ فقد تعرضت سيارته ومكتبته داخل منزله للحرق بقنابل «المولوتوف» من قبل شرذمة قليلة من الخونة الإرهابيين المنتمين لإيران الخمينية الكارهة للعرب وللمسلمين والهادفة إلى زعزعة أوطانهم وإدخالها في دائرة الفوضى والخراب؛ كما هي الحالة البائسة في العراق وسوريا واليمن.
وعلى الرغم من أن المتحدث الأمني قلل من المعلومات التي يمكن الإفادة منها بعد اعتقال الثلاثة المكلفين بالرصد والمراقبة «لأن من يقف وراءهم جردوهم من كل شيء» ولأن أدوارهم مساندة فقط؛ إلا أن «رجل الديك تجر الديك» كما يقول المثل الشعبي، ورجال الأمن لديهم الخبرة والمقدرة الكافية على استشفاف أية معلومة مفيدة للكشف عن مكان اختفاء القاضي وإنقاذه قبل أن يتعرض لأي أذى من خاطفيه؛ سواء من هؤلاء الثلاثة الذين قاموا بالأدوار «المساندة» أو بتلقي وتتبع أية معلومة مهما صغرت للقبض على المجرمين الذين قاموا بالاختطاف وهم ثلاثة من تسعة إرهابيين تم الإعلان عنهم بتاريخ 29 - 1 - 1438هـ.
ولم يشر المتحدث الأمني إلى أي دافع يمكن أن يعول عليه لتبرير جريمة الاختطاف، وهذا تحفظ أمني حذر وذكي يحمد له، فقد تتكشف معلومات دقيقة بعد القبض على المجرمين عاجلا أو آجلا غير ما تتداوله وسائل الإعلام ويتحدث به المحللون؛ إلا أن الربط بين الموقف الفكري والسياسي للقاضي المختطف والأجندة التي تنطلق منها الشرذمة الخائنة المستقطبة من المحور الإيراني يمكن أن تكشف بجلاء أهداف ودوافع الجريمة النكراء الغريبة على المجتمع السعودي؛ إذ إن «الاختطاف» سلوك ومنهج «العصابات» الإرهابية كالقاعدة وداعش، وخلايا الحرس الثوري في إيران وخارجها، وحزب الله في لبنان والحشد الشعبي في العراق.
ومن خلال تبين الموقف السياسي والفكري لقاضي دائرة الأوقاف والمواريث القاضي الجيراني نجده يعلن بجلاء رفضه المطلق أعمال المندفعين المتأثرين بتحريض الإرهابي نمر باقر النمر المثيرين للفوضى والمعتدين على رجال الأمن، ومعلنا ولاءه المطلق للوطن وقيادته، وشاجبا كل التصرفات الصبيانية الحمقاء الداعية للفوضى والخروج على ولاة الأمر، وهو إلى ذلك أيضا يصرح بضرورة إنفاق «الخمس» على المحتاجين في القطيف والأعمال الخيرية المختلفة معترضا على إخراج «الخمس» إلى إيران أو العراق أو لبنان.
وفي الموقف الوطني لهذا القاضي المعتدل والرؤية الرافضة للتدخل الإيراني في الأوطان العربية، واختلافه مع من يدفع «الخمس» إلى إيران أو أتباعها سبب يكفي لاستهدافه من الشرذمة الخائنة التي تستهدف رجال الأمن والمواطنين والمصالح الحكومية.
لقد تحدثت عن غايات شلة الإجرام خونة الوطن من إرهابيي المحور الإيراني، ونسيت أن أضع احتمالات متوقعة عن المخابئ التي يمكن أن يتوارى المطلوبون عن الأنظار فيها كما يشير بعض أبناء القطيف الشرفاء؛ وهي «الأحياء العشوائية القديمة والمزارع البعيدة النائية» وقد طرحت أفكار عديدة من قديم عن ضرورة هدم وتطوير الأحياء والأزقة القديمة، وضرورة المتابعة الأمنية الدقيقة للمزارع المشبوهة.
وعلى أية حال؛ فرجال الأمن - وفقهم الله وأعانهم - سيحققون الإنجاز الأمني المتوقع قريبا - بإذن الله - بكشف مخبأ المجرمين وتحرير القاضي من خاطفيه.