محمد سليمان العنقري
تدور تعريفات الركود التضخمي حول توقف عن النمو يصاحبه ارتفاع بالبطالة وتضخم بالأسعار، والذي يعد من أكبر العوائق بل المخاطر أمام واضعي السياسات الاقتصادية، ويعد السياسي البريطاني "أيان ماكلويد" الذي صاغ هذا المصطلح عام 1965 م أمام البرلمان البريطاني، وتتحرك الحكومات عادة إما بوقت مبكر يسبق أي خطط إصلاحية للتحوط من الوقوع في مستنقع الركود التضخمي نظراً لتأثيراته السلبية العميفة بالاقتصاد واحتياجهم لتكاليف ووقت وجهد لتخفيف آثاره والخروج منه.
وعند النظر في تفاصيل برنامج التوازن المالي الذي قسم لفصول عدة يتضح وجود خطط مضادة لمقاومة أي ركود محتمل واستيعاب لتضخم الأسعار المتوقع مع رفع الدعم التدريجي عن أسعار الطاقة وتطبيق رسوم البلديات وعلى العمالة الوافدة، إضافة إلى ضريبة القيمة المضافة وكذلك السلع الضارة، حيث تم اعتماد برنامج "حساب المواطن" الذي سيتم من خلاله صرف بدل تعويضي للمستفيدين المستهدفين من سياسات الدعم، وكذلك تغطية أي ارتفاع في أسعار السلع والخدمات الأساسية التي تؤثر على تكاليف المعيشة، إضافة إلى "برنامج يختص بدعم وتحفيز القطاع الخاص" لكي يتمكن من تحقيق الهدف، بأن يكون القطاع المؤثر بنسبة عالية بالناتج المحلي، إضافة لمواجهة التغيرات الهيكلية بالاقتصاد المحلي وعلى رأسها رفع الدعم عن أسعار الطاقة.
إلا أنه بالتأكيد تطرح أسئلة عديدة عن آليات التنفيذ تحديداً لبرنامج دعم وتحفيز القطاع الخاص وأهمية هذه التساؤلات، لأن الآثار التي ستظهر على القطاع الخاص ستحدد الكثير من معالم توجهات النمو الاقتصادي وتبعاته. ففي حال تنفيذ البرنامج بدقة وكفاءة عالية فإن التضخم المحتمل سيتم استيعابه بطرق عدة، منها رفع كفاءة التشغيل وخفض التكاليف باستخدام التقنيات الحديثة، إضافة إلى تدفق الاستثمارات وزيادة الطاقة الاستيعابية بالاقتصاد، مما سيعني العودة لتوظيف المواطنين بوتيرة أعلى مما سيخفض بنسب البطالة، فيكون بذلك قد تحقق النمو الاقتصادي المستهدف بالقطاع الخاص وتجاوزنا أي احتمالات لركود تضخمي، وتتغير نسب التقييم لأي آثار سلبية بحسب جودة وكفاءة تفيذ برنامج دعم القطاع الخاص، أي إن التنفيذ الضعيف سيخلف تبعات سلبية قد تدخل الاقتصاد - لا سمح الله - بالركود وتبعاته الضارة.
مع اعتماد برنامج التوازن المالي وما تضمنه من برامج أصبحت المسؤولية على عاتق الجهات الحكومية، خصوصاً المعنية بدعم وتحفيز القطاع الخاص كوزارة التجارة والاستثمار وأيضا الطاقة وبقية الجهات بحسب دورها، إضافة إلى الغرف التجارية والقطاع الخاص بمنشآته كافة كي يتم تنفيذ الخطط المرسومة لتحقيق نمو أفضل هذا العام الذي يعد انطلاقة جديدة للاقتصاد الوطني وفق خطط وتوجهات واضحة ومعلنة بتفاصيل واسعة، وتم اعتماد الأموال الكافية لتفيذها بداية من ميزانية العام الحالي الأعلى بتاريخ المملكة من حيث تقدير حجم الإنفاق عند 890 مليار ريال، إلى اعتماد برامج تمويلية بحدود 200 مليار ريال لتمويل القطاع الخاص على أربعة أعوام وبأنشطة وقطاعات محددة ذات قيمة مضافة كبيرة للاقتصاد كالتعدين والخدمات اللوجستية، مما يعني أن المسؤولية تقع على كفاءة التنفيذ والاتفاع بمستوى الرقابة والمرونة بالمعالجات من كل وزارة أو جهة بحسب اختصاصها حتى ننتقل لمرحلة اقتصادية تعزز من حجم وقوة الاقتصاد الوطني وتتنوع فيها مصادر دخله وإنتاجه.