عماد المديفر
تحركات عملياتية ميدانية مقبلة للتحالف الإسلامي العسكري لمكافحة الإرهاب يتوقّعها العديد من المراقبين في ظل إعلان سلطنة عمان مؤخراً انضمامها للتحالف الذي أنشأته شقيقتها المملكة العربية السعودية العام الماضي والذي أصبح يضم اليوم 41 دولة مسلمة من أقاصي شرق آسيا، إلى أقاصي غرب إفريقيا.
ولأنها عمان، العراقة والأصالة والحكمة والحُكم، وفنون السياسة والدراية الممتدة عبر قرون وقرون من تاريخ جزيرتنا العربية، وخليجنا العربي.. منذ ما قبل الإسلام.. وإلى يومنا هذا.. وبما تحمله من ثقل حقيقي كبير.. وعلى جميع الصعد السياسية والاقتصادية والتجارية والعسكرية والأمنية.. ولأنها عمان.. التي إن قالت فعلت.. وإن وعدت أعطت.. وإن حضرت حسمت؛ فقد كان إعلان سلطنة عمان الشقيقة الانضمام للتحالف العسكري الإسلامي الذي تقوده شقيقتها وعضيدتها وعونها وسندها المملكة العربية السعودية.. علامة فارقة جداً جداً ليس في التحالف العسكري الإسلامي ضد الإرهاب فحسب؛ بل هي علامة فارقة في تاريخ المنطقة برمتها.. ولحظة حاسمة مفصلية.. وهو ما عكسته ردة فعل الشارع الخليجي والسعودي على وجه الخصوص من فرحة عارمة، وسعادة غامرة بعودة أهلنا وأحبابنا العمانيين لمكانهم الطبيعي في أحضان أهلهم وسندهم، وامتدادهم التاريخي والعرقي والإستراتيجي والحضاري في دول مجلس التعاون الخليجي، بعد أن تكشفت حقائق الأعداء وأطماعهم ومخططاتهم الإرهابية، وتجلّت معاني الأخوة والصدق والإخلاص والتضحية والعطاء بين أبناء الخليج، شركاء الدم والمصير.. وانقشعت سحابة الصيف العابرة، تلك الغمامة التي لبدت سماء الأشقاء.. لتعود سماءً صافية مشرقة كما كانت..
ومن العادات التاريخية للأشقاء في عمان والتي اكتسبوها كابراً عن كابر، من خبرتهم الطويلة على مر العصور في علوم السياسة والتجارة، وفنون الإبحار في لجج المحيطات ومعرفة الطرق والممرات الصحيحة بين الأمواج العاتية؛ الأناة والدقة والعناية الفائقة.. ووزن الأمور بكل دراية.. لذا فتاريخ السلطنة العريقة يخبرنا بأنها لا تنضم إلى أي تحالف إلا بعد أن تدرسه بعناية فائقة متأنية، وتُقَلّْبه، وتمحصه من جميع النواحي.. والأبعاد.. فعمان لا تحضر.. وإن حضرت لا تغيب.. فاعلية.. وإيمان.. وصدق.. لتصبح أكثر الحلفاء عطاءً وإخلاصاً وعملاً داخل أي تحالف تدخله وتنضم إليه.. وهو ما دعا سيدي ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز - حفظه الله- مهندس التحالف الإسلامي العسكري، أن يواصل جهوده وسعيه الحثيث في العمل مع أشقائه العمانيين لتحقيق فرحة أبناء الخليج العربي قاطبة بقلب موازين القوة بالمنطقة ولم شمل دول المجلس ووقوفهم صفا واحداً.. يداً بيد.. وكتفاً بكتف.. فوق كل أرض، وتحت كل سماء.. فجذورنا واحدة ومستقبلنا واحد.. أهل وذوو قربى بالدم والنسب، والتاريخ، والحاضر، والمصير..
بانضمام درة التاج السلطاني المعظم ودرة الخليج العربي تعود السلطنة لمكانها الطبيعي لتُكمل اليوم التفاف عقد دول مجلس التعاون الخليجي ووحدة صفها بجانب شقيقتها وعمقها الإستراتيجي قائدة التحالف الإسلامي العسكري الموسع ضد المهدد الأول والخطر الأكبر الذي يتهدد أمن واستقرار وسلام المنطقة والعالم بأسره.. الإرهاب بكل أشكاله وفئاته وأنواعه..
الإرهاب الذي لا يستهدف الأمن المادي الملموس لدولنا وشعوبنا العربية والإسلامية فحسب.. بل هو كذلك يستهدف ديننا وهويتنا وكينونتنا وتاريخنا وحاضرنا ومستقبلنا.. ويستخدمه أعداؤنا لتحقيق أهدافهم الشيطانية الخبيثة لخلط الأوراق.. وإشاعة الفرقة والطائفية والأحقاد والأمراض.. والتعصب والتطرف وبث روح الكراهية.. تمهيداً لوسم العرب والمسلمين بالإرهاب وعزلهم عن العالم.. لذا كان من واجب العرب والمسلمين أن يكونوا في مقدم من يحارب الإرهاب كونهم المستهدف الحقيقي الأول والأخير منه وممن يقف خلفه ويدعمه ويعقد الصفقات الشيطانية الشريرة لهدم الأمة من داخلها.. وباسم الإسلام! والإسلام من ذلك كله براء.
هذه الخطوة المباركة والقرار الحكيم الذي أسعدنا جميعاً ليس بغريب عن لدن تاج الحكمة العمانية وسليل المجد السلطاني جلالة السلطان قابوس بن سعيد بن تيمور آل بوسعيدي المعظم.. وجميع أبناء أسرة آل بوسعيدي الكرام.. وأشقائنا وأهلنا في عمان الأصالة والعراقة وأهل المواقف التاريخية في اللحظات الحاسمة من تاريخ خليجنا العربي..
إلى اللقاء.